أكدت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، ان العلاقة بين "القوى الفلسطينية" ووكالة "الاونروا" في لبنان،تمر بمرحلة من التوتر الشديد، على خلفية تقصيرها في مواجهة فيروس "كورونا"، لجهة الاسعتدادات الصحية العملية او تقديم الاغاثة الانسانية.
وتأخذ القوى الفلسطينية على ادارة "الاونروا" تقصيرها بتنفيذ اجراءات عملية لمواكبة اي احتمال لانتشار الفيروس داخل المخيمات، يمكن ان يؤدي الى "كارثة صحية" لا تحمد عقباها نتيجة الاكتظاظ السكاني والازحام وتلاصق المنازل، خاصة وانه جرى تشكيل "لجنة صحية مركزية" برئاستها للقيام بهذه الاجراءات ولم تنجزها بعد، سواء على المستوى الصحي اذ لم يتم تجهيز مركز "سبلين" المهني في اقليم الخروب، او تحديد مراكز الحجر الصحي داخل المخيمات رغم اقتراح سلسلة منها في عين الحلوة والبص وسواهما، او على المستوى الاغاثي اذ لم تحسم بعد قرارها في كيفية توزيع المساعدات الغذائية او صرف مبالغ مالية من التبرعالبالغ خمسة ملايين دولار اميركي رغم الحاجة الماسة،والاكتفاء بحملات التوعية ودعوة ابناء المخيمات الى الالتزام الحجر المنزلي ورفع نسبة النظافة والتعقيم دون ان تقدم اي شيء.
ادارة سيئة
في المفهوم الفلسطيني، تعتبر "الاونروا" هي المسؤولة عن رعاية وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بموجب الوكالة الممنوحة لها من الامم المتحدة، وهي تؤمن الخدمات لنحو 12 مخيما في لبنان ونحو 156 تجمعا فلسطينيا في محافظات لبنان الخمس، غير انها منذ سنوات تواجه ازمة مالية غير مسبوقة، نتيجة وقف الولايات المتحدة الاميركية لمساعداتها المالية بهدف تمرير "صفقة القرن" الهادفة الى انهاء عملها وفرض توطين اللاجئين في الدول التي يقيمون فيها.
وتؤكد مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، ان ادارة "الاونروا" باشراف من مديرها العام كلاودي كوردوني، ادارت ازمة "كورونا" بطريقة سيّئة جدا، وسط استهتار واضح بحياة الاف اللاجئين، واعتمدت على سبل الوقاية لجهة النظافة والتعقيم فقط، دون ان تخطو اي خطوات عملية باتجاه المخيمات حتى بتوزيع مثل هذه المواد المعقمة، وفوق كل ذلك أوقفت العمال المياومين لتزيد نسبة البطالة والاعباء المعيشية عليهم، وقلصت عدد الاطباء والممرضين في العيادات بدلا من زيادتهم وتدريبهم، وماطلت بالوعود والتسويف، ما دفع القوى الفلسطينية الى شنّ هجوم عنيف عليها وتحميلها مسؤولية ما قد يحصل.
اشارة لافتة
وفي إشارة واضحة للتقصير، أكد وزير الصحة اللبناني حمد حسن خلال جولة ميدانية له على عدد من المستشفيات الحكومية في الجنوب اننا "لم نلمس في الوزارة أي إجراء ميداني أو عملي لأي من المؤسسات الدولية الداعمة للنازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين"، فجاء الموقف ليدعم الموقف الفلسطيني ويؤكد علىتقصير "الاونروا"، على اعتبار ان موقف الوزير حمد لا يصب في اطار اي لعبة سياسية او حسابات فصائلية، وانما صدر عن جهة رسمية لدولة مضيفة للاجئين الفلسطينيين.
ويؤكد الباحث الفلسطيني علي هويدي لـ"النشرة"، ان تصريح الوزير حمد حسم اي جدل حول هذا التقصير، واظهر اهمال الاونروا غير المبرر في التصدّي لجائحة "كورونا"، قائلا "الكرة الان في ملعب "الأونروا" للإستدراك السريع لتقصيرها، واتخاذ ما يلزم من خطوات جادة تلبي حاجات اللاجئين في المخيمات والتجمعات والمناطق، خاصة بعد سيْل المواقف السياسية والشعبية التي انتقدت اداءها على طول فترة الازمة".
وتحدث هويدي عن مؤشرات سلبية وغير مطمئنة فيما يتعلق بالعجز المالي، كاشفا ان "الاونروا" طالبت بأكثر من 14 مليون دولار لمكافحة "كورونا"، ولم يصل منها سوى 4 ملايين دولار (2.5 مليون دولار أميركي و1.5 مليون دولار كندي)، فيما وصل 5 مليون دولار لوكالة "الأونروا" في لبنان للتوزيع النقدي، غير انه مجمّد حتى الان بعدما رفضت الفصائل والمجتمع المحلي انتقائية التوزيع وشموله لعدد دون كامل اللاجئين، او دمجها مع حالات الشؤون عبر تقديمهالمساعدات لهم وتوزيع المبلغ على الاخرين، وبقي الامر معلقا بانتظار الحصول على المزيد من الدعم المالي بمقدار 2 مليون دولار، في وقت وصل فيه العجز المالي إلى مليار و65 مليون دولار (ميزانية الأونروا لسنة 2020 قُدرت بـ1.4 مليار دولار) ورواتب الموظفين (حوالي 33 ألف موظف)، باتت متوفرة حتى نهاية شهر أيار المقبل فقط.
وتعول الاوساط الفلسطينية على لقاء ثلاثي على الأرجح سيكون افتراضيا، سيجمع المفوض العام للأونروا لازاريني مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي ووزيرة خارجية السويد آن ليند يوم الاربعاء المقبل في 15 نيسان الجاري، لبحث الأزمة المالية للوكالة وسبل دعمها رغم إنشغال الدول بأزمة كورونا، وتخلي الأمم المتحدة عن واجباتها المالية تجاه الوكالة.
هجوم ودفاع
وفيما بدا ان الهجوم منسقا ومتدحرجا، انتقد كل من "تحالف القوى الفلسطينية و"القوى الاسلامية" وحركة "أنصار الله"، و"حماس" اداء الوكالة، مشيرين الى استنفاد كل وسائل الاتصال، والقيام باللقاءات مع المسؤولين فيهاعلى اختلاف مراتبهم، ولكن للأسف لم نجد الا التسويف والمماطلة محذرين من ردة فعل الناس إن استمرت في إدارة الظهر وعدم المسارعة في تقديم المساعدات، داعينها الى تحمل مسؤوليتها والإسراع بتنفيذ خطة طوارئ عاجلة وتقديم ما يلزم لكافة اللاجئين، ومهددين بالتصعيد ضد تقاعسها وتقصيرها، في حال لم تبادر الى تحمل مسؤولياتها، وإطلاق برامج إغاثية وصحية.
في المقابل، تحركت الاونروا لاستيعاب موجة الغضب والانتقاد، وعقدت اجتماعا طارئا لـ"اللجنة الصحية" المركزية، خلصت فيه الى تأكيدها استكمال تأهيل مركز العزل في سبلين، وانها لن تترك أي شخص قد يتعرّض لأي أزمة صحيّة كان بما في ذلك الإصابة بفيروس كورونا.
واوضح مصدر فيها لـ"النشرة"، اننا نتابع بالتنسيق مع منظمة أطباء بلا حدود العمل لتجهيز أول مركز للعزل في مركز سبلين للتدريب (حرم الجنوب) بهدف علاج الحالات المصابة بفيروس كورونا والتي تعاني من عوارض طفيفة، في حال عدم قدرة المستشفيات على استيعاب الحالات الكثيرة، او حيث توجد هناك حالات لا يمكنها عزل نفسها في البيوت. ونحن الآن في انتظار الموافقة الرسمية من قبل اللجنة الوطنية المكلفة متابعة تدابير واجراءات الوقاية من كورونا، وقد انهت أعمال تأهيل مركز سبلين للتدريب بحيث سيكون هناك طابقين للحالات المشتبه باصابتها بفيروس كورونا وطابقين آخرين للحالات المؤكدة التي تظهر عليها عوارض خفيفة وسيتم الفصل بين الرجال والنساء. ويتم هذا العمل بالإمتثال الكامل للمبادئ التوجيهية لمنظمة الصحة العالمية.
وأكدت جمعية الهلال الاحمر الفلسطيني انها قامت بتجهيز طابق في مستشفى الهمشري للحالات المصابة بالفيروس والتي تظهر عليها أعراض خفيفة، وهو مفصول تماما عن بقية الطوابق في المستشفى، وسيستخدم فقط في حال التفشي وعدم قدرة المستشفيات اللبنانية على استيعاب الحالات الكثيرة. واشارت جمعية الشفاء والدفاع المدني الفلسطيني الى استمرار أنشطة التعقيم في المخيمات واستحداث غرف لتعقيم السيارات على مداخل بعض هذه المخيمات، ولا يزال العمل جاريا لتأمين التدريب لطواقم الإسعاف التابعة للمؤسسات الطبية الفلسطينيّة لنقل الحالات المشتبه باصابتها الى مراكز العزل في مركز سبلين للتدريب أو في المخيمات لاحقا.