ليست المرة الاولى التي يتعرض فيها الاعلام الالكتروني الى الظلم والتجريح من قبل العديد من الناس وخصوصاً من يتسلمون مواقع المسؤولية، وحتى في زمن تفشّيوباء كورونا، لا تزال هذه الوسائل الاعلامية عرضة لشتى انواع "التعذيب" العلني، وتوصف بنعوت لا تمت الى الواقع بصلة ويُنظر اليها على انها "لقيطة" في عالم الاعلام. يحلو للبعض التجريح بالمواقع الالكترونية الاخبارية والصحف الاخبارية على الانترنت، ويعتبر انها اقل قيمة من وسائل إعلاميّة اخرى مرئيّة كانت ام مسموعة ام مقروءة، وقد يكون هناك مبرر لجزء من الناس في البقاء في هذه الخانة، كونه لم يواكب العصر والنقلة النوعية في التطور، وبقي في الزمن القديم حيث يفضّل العيش بسعادة لا يرغب في ان يعكّرها اي تعقيد تكنولوجي.
اما الجزء الآخر، فلا سبب يمكن ان يعفى من "جريمة الاتهامات الباطلة"، كونه يركب موجة العالم الرقمي والانترنت والتكنولوجيا، وله صولات وجولات ونشاط لا يهدأ على وسائل التواصل الاجتماعي، وتراه لا يعترف بالاعلام الالكتروني، الا عندما يتم انتقاده او استهدافه بالسياسة او بغيرها، فتقوم الدنيا ولا تقعد، ويصبح الموقع المذكور-اياً تكن نسبة ترتيبه على خريطة المواقع ومهما تكن نسبة انتشاره بين الناس- "المجرم" المطلوب الاقتصاص منه مهما كلّف الامر، ويصبح الموقع والصحافي الذييعمل فيه والهيئة الادارية التي تتولى ادارته خاضعة للمرجعيّات القانونيّة والرسميّة، اي بمعنى آخر "معترف بها" بشكل رسمي. هكذا فجأة، وبسحر ساحر، يمكن اضفاء شرعية الوجود عليها بعد ان تكون هذه الصفة قد تم تغييبها عمداً من قبل الاشخاص نفسهم الذين يعودون للاعتراف بها علناً.
قد يخلط قليلون بين الاعلام الالكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي، علماً ان الفارق كبير ولا تجوز المقارنة بيهما، وفي حال وجود اخطاء من قبل بعض المواقع في مسألة نقل الاخبار او نشرها، فيمكن التعامل معها على غرار وسائل الاعلام الاخرى التي تقوم بالخطأ نفسه اكانت مسموعة أو مرئيّة او مكتوبة. ليس ذنب هذه الوسائل الالكترونية ان الدولة لم تحزم امرها في تجديد هيكلها القانوني والتشريعي في ما خص هذا الشق من الاعلام، فيما يدعو آخرون الى "انشقاقها" عن وسائل الاعلام الاخرى، ولكن ليذكر الجميع ان هذه المواقع باتت الصف الامامي لدى وسائل الاعلام، واكبر دليل على ذلك ان كل وسائل الاعلام الاخرى عمدت الى انشاء مواقع خاصة بها على الانترنت، وهذا ان دلّ على شيء، فعلى مدى الاحترام والواقعية في التطلع الى رغبات الناس ومطالبهم بالحصول على الاخبار في اي زمان ومكان وبالسرعة اللازمة، ومن دون اي شك، فإن اكبر المنتقدين لهذه المواقع هو من اكثر المشتركين في خدمة اخبارها اكانت مجانيّة ام لقاء بدل مادي، وهو الاكثر رغبة في نشر اخباره عبرها وتسريباته من خلالها، ويرى فيها النافذة الحقيقية للاطلالة على الناس.
ليست هذه الوسيلة الناجحة في العالم ولبنان مكسر عصا لاحد، ولا يمكن تصنيفها بغير ما هي عليه، ويجب فصلها كلياً عن مواقع التواصل الاجتماعي ان من حيث الهيكلية والمسؤولية او من حيث المضمون، فالوسائل شخصيّة وتعكس فقط رغبة صاحبها، فيما يمثّل الاعلام الالكترونيكوسيلة اعلامية بكل ماللكلمة من معنى، ومع كل ما تحمله من مزايا واخطاء في بعض الاحيان، واذا كانت الوسائل الاجتماعية معترف بها من قبل الجميع، فهل من المنطقي القول عن المواقع انها "خارجة عن القانون"؟.
لمن لا يزال غارقاً في الزمن، ندعوه الى الاستفاقة ونفيده بأنه خصوصاً في هذه الاوقات الحرجة –اي زمن تفشي وباء كورونا- فإن هذه المواقع تطفو على سطح الاهتمام الاعلامي، وعليه مراجعة نفسه قبل التحدث بكلام يسيء الى الاعلام بل اطيافه والالكتروني بات جزءاً اساسياً منها، دون ان ننسى ان العديد من وسائل الاعلام ونظراً الى الوضع الاقتصادي السيّء، فضّلت الابقاء فقط على اعلامها الالكتروني للتواصل مع الناس، ومن له اذنان سامعتان فليسمع.