أشارت جمعية المستهلك، ولجنة المحامين للدفاع عن المودعين،وتجمع مهنيات ومهنيين، والمفكرة القانونية، في بيان مشترك الى انه "صدر في 2020/4/3 التعميم 148 عن مصرف لبنان. وتم الإعلان عنه كإنجاز لحماية حقوق أصحاب الودائع الصغيرة (التي تقل عن 5 ملايين ليرة أو 3000 دولار)، يخولهم سحب أموالهم من المصارف من دون قيود وبشروط عادلة، وإذ قد يتهيأ لنا أن المصارف تؤدي من خلال ذلك دورا مختلفا تماما عن الدور الذي أدته منذ 17 تشرين الأول، فإن التدقيق في تفاصيل التعميم يكشف لنا أنه يتيح للمصارف تحقيق مكاسب جديدة على حساب جميع المودعين، بما فيهم أصحاب الودائع الصغيرة، كل ذلك تحت غطاء مساعدة هؤلاء في ظل زمن الكورونا".
ونبهت في البيان الى "أخطار عدة ناجمة عن التعميم 148، أبرزها أن التعميم يشكل السند الرسمي الأول الصادر عن حاكم مصرف لبنان بتشريع ممارسات المصارف في تقييد حقوق المودعين. فتحت غطاء مساعدة أصحاب الودائع الصغيرة منهم من خلال تحرير ودائعهم، يقر التعميم تقييد حقوق سائر المودعين. وهذا ما يتجلى صراحة عبر التأكيد على أن سعر الصرف للدولار يبقى بما يتصل بالتعامل مع سائر المودعين هو السعر المعتمد من مصرف لبنان (أي ما بات يوازي 50% من سعر صرف الدولار الحقيقي). وهذا ما تأكد في القرار رقم 13217 الصادر في 9 نيسان 2020 والذي نص على تحرير الودائع الجديدة، بما يعني ضمنا تقييد الودائع القديمة. وبذلك، في إمكان المصارف، وفق التعميم، إرغام سائر المودعين لديها (الذين ليست ودائعهم صغيرة جدا) على التخلي عن جزء مهم من ودائعهم، تحت طائلة حرمانهم سحب أي مبلغ منها، وعمليا في إمكان المصارف تحقيق اثراء غير مشروط على حساب المودعين. ومن هذه الزاوية يكوزم التعميم غير قانوني وغير مبرر ومخالفا لمبدأ العدالة الاجتماعية المذكور في مقدمة الدستور والمادة 15 منه لجهة حماية الملكية الخاصة".
ورأى البيان أن "حقوق آلاف المودعين بالدولار بالشروط المذكورة اعلاه يشكل عمليا اقرارا بتعثر الصارف وتوقفها عن الدفع. وفيما يكون التوقف عن الدفع أمرا محتملا في أي شركة تجارية (ومنها المصارف)، فإنه أمر هجين أن يكتفي التعميم بتقييد حقوق المودعين من دون أن يرتب أي قيود على مديريها الذين يحتفظون بكامل صلاحياتهم، بل من دون وضع أي قيود أو رقابة قضائية عليهم. وهو واقع يتعارض تماما مع القواعد المطبقة على المصارف المتعثرة بحيث تعين إدارة أخرى للمصارف ويتم التحفظ عن أموال أعضاء مجالس إدارة المصارف كافة. بل على العكس، هنا أيضا، زاد التعميم من صلاحيات المصارف من خلال تمكينها من تحديد سعر السوق للعملات، فضلا عن تمكينها من تحقيق مزيد من الإثراء غير المشروع".
ولفت البيان الى ان "هذا التعميم يشكل مؤشرا على عدم جدية السلطات السياسية في معالجة الأزمة المالية بحيث نراها تتبع النهج القديم نفسه الذي أودى بنا الى هذه الأزمة التاريخية والقائم على تقييد سلطة القانون والمؤسسات لخدمة مصالح قلة قليلة من أهل المال والسياسة".