ينتشر الاطباء اللبنانيون في العالم بشكل عام، وفي فرنسا بشكل خاص، ويقومون بعمل جبّار لإنقاذ الإنسان، من المكان الذي يعملون فيه، عبر مواجهة "كورونا" بحرفية ومهنية عالية. ويعتبر هؤلاء أن مهنة الطبّ "رسالة" ولهم دورهم وعليهم واجب تأديته على أكمل وجه، فكما الجندي على الجبهة هم في المستشفيات الى جانب المرضى.
ممنوع الدخول!
إذا فتشنا نجد أن خلف كلّ طبيب لبناني في فرنسا قصّة. وللطبيب إيلي حداد، الاختصاصي في أمراض السكري والغدد الصمّاء ورئيس الجمعية اللبنانية الفرنسية لامراض السكري والغدد الصماء قصّته، فهو الذي اصيب شقيقه "بالكورونا" في فرنسا ومُنع من دخول المستشفى.
يشير حدّاد عبر "النشرة" الى أن "شقيقه توجه الى المستشفى ورفضوا استقباله تحت حجة أنه "لا يحتاج" للدخول، ولكن في الواقع لم يكن هناك مكانا له، وفي فرنسا أيضا هناك دواء خاص اسمه Plaquinil يساعد في حالته، ولكنه منع من أخذه وبات مصيره على المحكّ دون مستشفى ودواء"، مضيفا: "تمكنت من الحصول على الدواء وأعطيته إياه وعدت وأخذته الى المستشفى وهو لا يزال الى اليوم في العناية المركزة وحالته مستقرّة".
استنفار الطب بفرنسا
"المستشفيات كلها في فرنسا تحوّلت لمعالجة مرضى "الكورونا"، هذا ما يؤكده ايلي حداد، مشيراً الى أنني "اعالج مرضى الكورونا الذين يعانون من داء السكري"، مشددا على "ضرورة أن يكون السكرّي متوازنا مع هؤلاء المرضى، لأنّ ارتفاعه في الدم يؤدّي الى التهابات تزيد مع "الكورونا، كما أنّه يؤثر على المناعة"، مضيفا: "كل الجسم الطبي هنا مجنّد ضد "الفيروس"، فابنتي تدرس الطب وهي اصبحت في السنة الخامسة طُلب منها العمل كممرضة في المستشفيات".
أما طبيب القلب والعناية الفائقة أنطوان شديد فيلفت الى أن "هناك قسما صغيرا في المستشفيات مخصّص لمن يتعرّضون لأزمات قلبية، ضعف في التنفس، للفشل بحالة القلب، ولكن هؤلاء أصبحوا قلائل ونفتش عنهم لأن الناس لم تعد تأتي الى المستشفى الا بعد تدهور حالتها".
يشدد أنطوان على أن "هناك ثلاثة أمور تربط بين الفيروس والقلب، فمن خلال الدراسات لاحظنا أن لدى مرضى الكورونا والذين تتفاقم حالتهم امراضا قلبيّة"، لافتا الى أن "50% منهم لديهم مشاكل غي القلب، 30% يعانون من ارتفاع في ضغط الدم و20% لديهم سكري"، مؤكدا أن "القلّة من المصابين بالعدوى يدخلون الانعاش ويكونون عاديين، فالأغلبية لديها أمراضا مزمنة"، مؤكدا أننا "في بعض الحالات كنا نكتشف أن المريض مصاب "بالكورونا" لأنه كان يشعر بخفقان في القلب"، مضيفا أن "الفيروس يؤثّر على القلب ويؤدّي الى التهابات واضطرابات وفي بعض الاحيان الى الوفاة".
مقارنة بين لبنان وفرنسا
يجري الطبيب ايلي حداد مقارنة بسيطة بين الوضعين اللبناني والفرنسي، مشيراً الى أنه "عندما اقفلت المدارس في لبنان وكان عدد المصابين ضئيلاً كانوا في فرنسا يجرون انتخابات بلديّة، وفي أول دورة من صوّتوا ووضعوا "كمّامات" أما في لبنان فاقفلوا المدارس"، لافتًا الى وجود "مؤشّرات فرنسيّة على تحسّن الاوضاع فقط بانخفاض عدد الذين يدخلون الى العناية الفائقة في حين استقرّ عدد المصابين ى قرابة 700 مصاب يومياً وهذا أمر جيد لأنّ العدد لم يعد يرتفع". أما طبيب الطوارئ زياد الحاج فيوجّه تحية الى وزير الصحة اللبناني حمد حسن: "كطبيب عشت في فرنسا وشهدت مآسي "الكورونا"، فكلمة حق تقال انّ السياسة التي اتبعتها الدولة اللبنانية حمت لبنان من وباء لم تشهده الكرة الارضية قبلا"، لافتا الى أنه "في فرنسا هناك حوالي 60 مليون نسمة، وعدد الوفيات في هذا البلد 13800 شخصا تقريبا، بينما في لبنان هناك ستة ملايين (يشمل العدد النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين)، واذا اردنا المقارنة بين البلدين يجب أن يكون عدد المرضى في لبنان عشرين مرة أكثر مما هو عليه اليوم، نسبة لفرنسا".
"اكتشفت أنني أمام مرض لأول مرة تتعرف عليه البشريّة، من هنا قررت وضع أيقونة القديس شربل في يدي واتكلت عليه وذهبت الى الحرب". هكذا يصف الطبيب زياد الحاج المشهد، مشيرا الى انه "في السابق لم نكن نظن أننا سنصمد ولكن في اللحظة ذاتها يتحوّل الطبيب الى جندي على الحدود وعليه أن يدافع".
أما الطبيب أنطوان شديد ولدى سؤاله عن الأطباء اللبنانيين في فرنسا، يتذكر قول الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للرئيس اللبناني ميشال عون: "أنا تربيت مع طبيب أطفال لبناني يهتم بي منذ صغري"، معتبرا أنّ "الأطباء اللبنانيين موجودون في العالم ومن اصل 200 الف طبيب في فرنسا هناك 20 الف طبيب لبناني، ولولاهم لما كان الشعب الفرنسي بهذا الوضع".