لم يستطع فايروس كورونا أن يشلّ النشاط لا الإستخباراتي ولا العسكري لكل القوى، سواء في الإقليم، أو في العالم. تتخبّط تل أبيب سياسياً، لكن جهازها الأمني يُبعد نفسه عن صراعات القوى السياسية الإسرائيلية، ويستمر في المضي في مخططات الحرب والاستخبارات على كل الجبهات.
ما حصل في الساعات الماضية عند الحدود السورية-اللبنانية، في منطقة جديدة يابوس في ريف دمشق يؤكد وجود رسائل إسرائيلية نارية لحزب الله.
بحسب المعلومات، نشط الحزب في الأيام القليلة الماضية ضمن أداء مهام سريّة ما، فزادت تل أبيب من نشاطها الإستخباري، وأبقت لبنان تحت أعين طائرات الاستطلاع على مدار الساعات الماضية، وخصوصاً من الجنوب الى بيروت، فالجبل والبقاع، الى الحدود السورية. زاد ذلك من فرضية أن إسرائيل تحضّر لعدوان عسكري ما. وحده حزب الله كان الأكثر إطمئناناً، رغم أن الخطوات التي تلت عمليات الإستطلاع أكدت أن الحزب يقوم بأداء مهم ما، ليس معروفاً بطبيعة الحال، لأنه يخضع "لسرية عمل المقاومة".
جاءت طبيعة إستهداف الإسرائيليين للسيارة في منطقة جديدة يابوس، لتؤكد ان الإسرائيليين لا يريدون التصعيد العسكري ولا الامني، ولا خرق قواعد الاشتباك المعمول بها، لكنهم يريدون القول للحزب: نحن نراقبكم ونعرف ماذا تفعلون الآن.
تتحدث المعلومات عن ان السيارة المُستهدفة كانت من ضمن مجموعة العمل الحزبية في إطار المهمة السرية، وقد اطلقت طائرة الاستطلاع الإسرائيلية صاروخاً امام تلك السيارة، وانتظر الإسرائيليون من ركّابها المنتمين للحزب، وهم ليسوا قياديين، أن يخرجوا منها للإختباء في المبنى المجاور، ثم قاموا بضربها بصاروخ اشعلها.
مما يعني أن الإسرائيليين لم يستهدفوا مجموعة الحزب، بل السيارة فقط، لعدة أسباب: اولاً، الضربة رسالة واضحة، سبق وأن نفّذت إسرائيل مثلها مراراً من دون اي إعلان عن ذلك، لكن طبيعة المنطقة السكنية على طريق دولي عام، ساهم في انتشار الصورة والخبر هذه المرّة.
ثانياً، لا تريد إسرائيل خرق قواعد الإشتباك بينها وبين حزب الله، ولا إستيلاد رد من الحزب ضدها، كما حصل سابقا عندما استهدفت شارع معوض في الضاحية الجنوبية الصيف الماضي، وعاشت القلق قبل أن يرد الحزب على الضربة.
ثالثاً، يريد الإسرائيليون القول: إنّ الخلافات السياسية الحادة داخل تل أبيب لا تؤثر على نشاط الجهازين العسكري والأمني، وان الصراع مع "محور المقاومة" قائم من دون تغيير في أي عهد ومنظومة سياسية إسرائيلية.
رابعاً، تسعى تل أبيب لإبقاء سطوتها الجوية، وعدم السماح لأي إهتمامات أخرى مهما كان حجمها كمخاطر فايروس كورونا، أن تحدّ من مخططاتها وإستراتيجياتها.
بالمقابل، فإن الأداء السرّي الذي كان يقوم به حزب الله وإنتبه إليه الإسرائيليون ليس جديدا من نوعه، لكن وجوده الآن في ظروف كورونا وتداعيات الأزمات المعيشية والاقتصادية يؤكد أن الإستراتيجية عند "محور المقاومة" لم ولن تتغير مهما حصل من مستجدّات سياسية واقتصادية، داخلية واقليمية ودولية.
على هذا الأساس، يُصبح أمر إستهداف إسرائيل للسيارة اللبنانية داخل حدود سوريا أمراً عادياً، يدخل في حسابات النزاع المفتوح بين محورين، فتتجاوز رسائله الاراضي اللبنانية والسورية. لكنه يؤكد ان اليد موجودة على الزناد من ضمن قواعد اشتباك راسخة حتى الساعة دون العبث بها.