بعدما وقع رئيس الحكومة حسان دياب مرسوم تعيين الناجحين في مباراة كتاب العدل، ووعد بالتوقيع تباعاً على مراسيم الناجحين في مباريات مجلس الخدمة المدنيّة، تحرك الناجحون في مباراة خفراء الجمارك التي أجريت في العام ٢٠١٤ وصدرت نتيجتها عام ٢٠١٩ وعددهم ٨٥٣، وتواصلوا مع مكتب دياب الذي وعدهم بلقاء ممثلين عنهم لمناقشة قضيتهم، على أن يتم تحديد موعد اللقاء مطلع الأسبوع المقبل.
مشكلتهم أنهم من حملة الشهادات الذين آمنوا بمشروع الدولة وقرروا الإلتحاق بمؤسساتها، ومشكلة هذه الدولة أنها تضحي بشبابها من أجل أحزاب وسياسيين يتنفسون التنفيعات وكسب الأصوات، حتى ولو كان ذلك على حساب دمار المؤسسات وعرقلة عملها.
تخيلوا أن هؤلاء السياسيين وظفوا خلافاً للقوانين حوالى ٥٠٠٠ وظيفة، وحصل ذلك بعد صدور القانون ٤٦ الخاص بسلسلة الرتب والرواتب الذي منع التوظيف والتعاقد، وأوقفوا تعيين ٨٥٣ ناجحاً في الجمارك أصدرت المديرية العامة نتيجتهم في حزيران من العام ٢٠١٩، ولم يبت المجلس الأعلى للجمارك تعيينهم بسبب الخلافات السياسية على توزعهم؟ في المحصلة مديرية الجمارك بأمس الحاجة لتعيين الخفراء الناجحين، وعلى هذا الصعيد، تقول مصادر متابعة للملف، لقد وضع قانون تنظيم الضابطة الجمركية عام ١٩٧٩ ونصّ على أن يكون عديدها مؤلفاً من ٢٦٣٥ عنصراً، الشغور في هذا العديد وصلت نسبته اليوم الى ٥٠ ٪، ومعدل الأعمار وصل الى ٤٧ عاماً، أي أن عدداً كبيراً من العناصر أصبح على شفير سن التقاعد القانوني وهو ٥٢ عاماً"، وتضيف المصادر عينها، "هذه السنة يبدأ عناصر دورة ١٩٩٣-١٩٩٤ بالتقاعد تباعاً ويصبحون خارج السلك نهائياً في العام ٢٠٢٦، وعدد هؤلاء ٨٠٠ عنصر وبعدهم سيبقى فقط حوالى ٤٠٠ عنصر نجحوا وعينوا من دورة العام دورة ٢٠٠٥".
قانون تنظيم الجمارك يعطيها الجهاز في مادته الأولى صلاحية مراقبة الحدود البرية والبحرية والجوية، والحؤول دون إدخال البضائع وإخراجها بصورة مخالفة للقانون، بينما لا يتخطى عدد العناصر الذين يكافحون التهريب في المديرية الـ٢٥٠ عنصراً فقط!
المصادر المطلعة على الملف، تؤكد أن من مصلحة رئيس الحكومة في ظل ما يعانيه لبنان مالياً وإقتصادياً، أن يضغط لتعيين الناجحين في الجمارك على إعتبار أن المديرية وقبل إنتفاضة ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩ كانت تدخل سنوياً الى خزينة الدولة حوالي ٣ مليار دولار، أي ما يوازي تقريبا ثلث إيرادات الدولة، وذلك من غرامات التهريب ومن الرسوم والضريبة على القيمة المضافة ورسم الإستهلاك الداخلي على الدخان والنفط والمشروبات الكحولية، ولأن مداخيل المديرية بعد ١٧ تشرين الأوّل الفائت، أي بعد إقفال الدوائر العقارية ودوائر المالية، وصلت نسبتها الى ٥٨ ٪ من الإيرادات العامة.
عام ١٩٧٩ عندما صدر قانون تنظيم الجمارك، كان عديد قوى الأمن الداخلي حوالي ٢٥٠٠ عنصر وأصبح اليوم ما يقارب ٣٠ ألفا، كذلك ارتفع عديد الأمن العام من ٨٠٠ عنصر الى أكثر من ٩٠٠٠ بينما بقي عديد الجمارك على حاله ورقياً أي في القانون، وفعلياً تراجع الى نصف العدد بفعل التقاعد، فهل قصد السياسيون من ذلك عدم تفعيل الجهاز المكلّف بمكافحة التهريب والغش والتهرب الجمركي؟.
قبل تأليفه الحكومة، التقى دياب بوفد من الناجحين في مباراة خفراء الجمارك، وسمع منه الحاضرون كلاماً يؤشر الى نية جدية لديه بتعيينهم خصوصاً أنهم يتوزعون مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، (٤٢٥ مسيحياً و ٤٢٦ مسلماً)، فهل يترجم رئيس الحكومة أقواله الى أفعال بعد لقائه بهم الأسبوع المقبل؟.