اعتبر مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان، في رسالته لمناسبة حلول شهر رمضان، أن "وباء كورونا يكاد يغير الحياة على وجه الأرض وعرف البشر من قبله أمراضا معدية وأوبة من بينها الطاعون بيد أن المتغيرات الصاعقة سواء في العالم الطبيعي أو الإنساني التي صارت تحدث في أزمنة متقاربة، وزهناك شبه اجماع على أنها من مواريث الاساءة الى الطبيعة والإنسان من طريق الاختراقات المتكاثرة للنظام الكوني وعوالم الانسان والحيوان والطبيعة"، مشيرا الى أن "رسالتنا نحن أهل الدين وعلى مشارف شهر رمضان وفي كل حين، الدعوة الى الرشد الإنساني. إن الإستجابة لله تكون بالرحمة لعباده وصون الحياة الإنسانية والطبيعية، وقد اعتبر العلماء أن واجب حفظ النفس رأس المقاصد الشرعية".
وأكد دريان "أننا لسنا مسؤولين عن حصول الوباء ولا عن الأزمة الاقتصادية. يقع القدر الأكبر من المسؤولية على عاتق الطبقة السياسية وكل الخبراء والمهتمين بإدارة الشأن العام فالسياسات الاقتصادية والمالية سياسات طويلة الامد والكل يقول أن الإنهيارات كانت متوقعة وفي شتى المجالات والكل يقول اليوم أنه ما كانت هناك في السنوات الأخيرة محاولات جدية للإصلاح والكل يقول أن لبنان الرسمي تنكر للمصالح الوطنية الاستراتيجية التي تربطنا بالعرب والمجتمع الدولي، والكل يقول أن العملية الثلاثية الأطراف بين الإدارة السياسية والبنك المركزي والقطاع المصرفي كانت في مجملها عملية انتحارية للوطن والنظام السياسي والإقتصادي الحر ولست أذهب الى أن كل ما حصل بعد 17 تشرين الأول كان صوابا، لكنه كان إنذارا وإن متأخرا بالانهيار الذي حدث".
ولفت الى أن "كل الطبقة السياسية اعبترت نفسها مستهدفة بالحراك الشعبي وتعاونت وتضامنت الا القليلين للتخلص منه بدل التفكير بالإصلاح والبدء به بقوة. وعلى أي حال فإن الأسوأ قد وقع ولسنا ضد إعطاء فرصة لهذه الحكومة التي أعطت لنفسها سمات الكفاءة والإختصاص، إنما بصراحة ما حصل شيء ايجابي ملموس حتى الآن، لا لجهة وضع معالم كبرى للاصلاح والبدء به بالفعل"، متوجها الى الحكومة قائلا: "سترتكم كورونا. لكن ما عملنا امام انهيار العملة ودفع رواتب الموظفين والحيلولة دون جوع 40 في المئة من اللبنانيين الفقراء في الأصل والذين أضيف عليهم البطالة والغلاء والخوف من المجهول المستقبلي الذي صار حاضرا".
وأضاف: "طفح الكيل يا ساسة لبنان من المأساة اليومية التي يعيشها المواطن من جوع وفقر واذلال للناس على ابواب المصارف. نطالب الدولة أن ترأف بمواطنيها قبل الإنفجار الذي يهدد الجميع"، مشددا على أنه "لا يمكن أن تستقيم الأمور إلا بالمحاسبة واستعادة الأموال المنهوبة والضرب بيد من حدد"، داعيا الى "إعادة تنظيم عمل مؤسسات الدولة لتعود الثقة المفقودة من الداخل والخارج. الأوطان لا تبنى بالكلام بل بالعمل الجاد والظاهر للعيان".
وجزم دريان "أننا شبعنا وعودا، نريد أن نرى بأم أعيننا الإصلاحات ليبقى لبنان على خارط العالم وإلا فإن الإنهيار الذي نحن فيه سيتفاقم ويضيع الوطن. لا نريد نبش القبور واستعادة الماضي"، داعيا الى "للاقلاع عن الكيدية السياسية وفتح صفحة جديدة تحت شعار لبنان يستحق التضحية والعمل للخروج مما نحن فيه من تفتت وانهيار"، مناشدا المجلس النيابي لأن "ينظر الى السجناء بعين الرحمة والعدل فيما يتعلق بقانون العفو والا يكون خاصا بل شاملا ولمرة واحدة، ولتكن هذه المبادرة باكورة خير لكل السجناء وأهاليهم الذين يعانون الأمرين لتأمين حاجاتهم".