يكمن "سرّ" النجاح في الإرادة الصادقة، فعندما تتوفر هذه الإرادة يصبح الإنجاز أسهل، ومن هذه النقطة إنطلق رئيس مركز الضمان الإجتماعي في منطقة صور محمد بزون في سعيه لإنهاء الطوابير الطويلة التي تؤرق راحة اللبنانيين أمام مراكز الضمان، فعمد بعد وصوله الى مركزه لابتكار وسائل نجاح هذه الفكرة.
من أيام قليلة أطلق بزون تطبيقا عبر الهواتف الذكيّة لحجز مواعيد للمضمونين في منطقة صور ولمتابعة معاملاتهم دون تكبّد عناء الانتظار، وهذا التطبيق الذي أُنجز من قبل الطالبين في الجامعة اللبنانية الدوليّة فرع صور ياسر حيدر وزينب الحاف، سيُعمل به فور انتهاء أزمة الكورونا والتعبئة العامة.
وفي هذا السياق يشير بزون الى أن الفكرة بدأت بشكل متدرج، فبعد أن كانت الناس تحضر الى المركز في الخامسة صباحا لحجز دورها، بدأنا بتسجيل المواعيد على لائحة خاصة ليوم واحد، بحيث يمكن للموظف على شباك الاستلام تسيير شؤون مضمون واحد كل 5 دقائق، لافتا الى أننا "بعد أن باتت اللائحة تمتلئ بشكل سريع، أصبحنا نسجل المواعيد لأيام مقبلة، بحيث يعلم كل مواطن بأي وقت عليه زيارة المركز لتقديم معاملته.
ويضيف بزون في حديث لـ"النشرة": "بعد أن أثبتت فكرة تسجيل المواعيد إيجابيتها في تخفيف الازدحام وإنهاء مشقّة الإنتظار، اردنا تطوير الفكرة، ومنذ عام تقريبا حضر الى المركز طالبان من الجامعة اللبنانية الدولية وعرضا المساعدة في تقديم مشروع، فاقترحت عليهما فكرة التطبيق الالكتروني لتسجيل المواعيد، فأنجزاه، وبات جاهزا للتجربة والاستعمال بعد انتهاء أزمة الكورونا وعودة الحياة الى طبيعتها".
يكشف بزون أن التطبيق لا علاقة له "بقاعدة بيانات" الضمان الاجتماعي، وبالتالي فلا خطر عليها منه، مع العلم أنّ شركة المكننة المتعاقدة مع الضمان الاجتماعي تمّ فسخ عقدها من قبل مجلس إدارة الضمان، ولكن ما يهمّ هنا هو أن لا خوف على بيانات المضمونين، مشددا على أننا "بانتظار التطبيق للبناء على الشيء مقتضاه وتبيان الإيجابيات للبناء عليها، والسلبيات لتطويرها وتحسينها".
اما عن كيفية عمل التطبيق فيشير بزون الى أن "المضمون يسجّل اسمه ورقمه وموعدا له عبره بعد تحديد اليوم الذي يرغب فيه، فيقدم له التطبيق الأوقات المتاحة للحضور، وكما ذكرنا سابقا يتم تحديد المواعيد كل 5 دقائق، كما يقوم التطبيق بتذكير المضمون بالموعد الذي سجله، كي لا ينسى الحضور، ويحدد له أيضا رقم الشبّاك الذي يجب أن ينهي معاملته عبره، فيحضر بالموعد المحدد ويقوم بما عليه بدقائق قليلة"، كذلك يمكن عبر التطبيق إشعار المضمون بانتهاء معاملته للحضور واستلام الشيك، بموعد محدّد أيضا كي لا ينتظر طويلا.
ما يزيد عن 15 الف مضمون سيستفيد من التطور الحاصل في مركز ضمان صور، ما يعني حوالي 60 ألف مستفيد، فهل يمكن ان يسري هذا التطور على باقي مراكز الضمان؟.
يشير عضو المجلس الاجتماعي الاقتصادي صادق علوية الى أن المشكلة الأساس التي تواجه الضمان في هذا الإطار هي مسألة سريّة بيانات المسجلين، وهذا ما يجب أن تعمل عليه الشركة المتخصصة بالمكننة بعد التعاقد معها، على اعتبار أن القديمة فُسخ عقدها بسبب مشاكل في عملها، مشددا على أن مبادرة رئيس مركز صور "الفرديّة" حظيت بدعم رئيس مجلس إدارة الضمان، ويجب على كل رؤساء المراكز التفكير بمثلها لتطوير العمل.
ويضيف في حديث لـ"النشرة": "إن هذه المبادرة تُثبت أنّ موظفي القطاع العام يملكون كل المؤهّلات اللازمة لإدارة المؤسسات بشكل علمي وناجح بشرط أن يُسمح لهم بذلك، فإذا وُجدت الإرادة بإمكاننا انتشال القطاع العام من مشاكله وهذا أكبر اثبات نشاهده أمامنا"، مشيرا الى أن الأفكار الإيجابية التي كانت مكبّلة بالبيروقراطية، تحرّرت في ظلّ الظروف الاستثنائية التي نعيشها اليوم، داعيا الحكومة للاسراع في إصدار المراسيم التطبيقية لقانون المعاملات الالكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي، والذي يسهل اختصار ومكننة العديد من المعاملات اذ لا يمكن تطوير المعاملات الالكترونية بشكل كبير ما لم يصدر هذا المرسوم، علما ان القانون رقم 80 تاريخ 10/10/2018 (المعاملات الإلكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي) قد صدر منذ سنتين ولم يصدر المرسوم التطبيقي الخاص به لإطلاق المزيد من المعاملات الالكترونية عبر التوقيع الالكتروني.
قد تكون لأزمة "كورونا" إيجابيّات، منها على سبيل المثال، بدء التفكير باعتماد التكنولوجيا كحلّ ممكن لمشاكل التنقل والتجمع، كالتعليم عن بُعد، ولو أنه بحاجة الى كثير من التطوير، وإجراء المعاملات الرسمية الكترونيا، كما يحصل في مراكز الضمان.