اعتبر الوزير السابق عدنان السيد حسين، في حديث لـ"النشرة"، أن هناك فرصة أمام الحركة الشعبية التي انطلقت في السابع عشر من تشرين الأول الماضي بأن تحقق بعض الإنجازات من خلال الحكومة الحالية برئاسة حسان دياب لعدة أسباب، أبرزها شخصيّة رئيس الحكومة الآتي من خارج الطبقة السياسية التقليديّة، بالإضافة إلى وجود وزراء اختصاصيين لديهم إستقلالية في إتخاذ القرار ومحاولة تغليب المصالح الشعبيّة الوطنيّة على إعتبارات المحاصصة الطائفيّة.
ورأى السيد حسين أن "على الحركة الشعبيّة أن تؤازر الحكومة الحاليّة كي تنجح في إكمال مسيرتها، لا بمعنى أن تؤيدها كيف ما كان، بل أن تحاول تصويب عملها وحركتها إذا أخطأت أو تراجعت، وأن تدعمها في حال نجحت في معالجة الأمور، معرباً عن إعتقاده أنّ الأزمة الماليّة والنقديّة الحاليّة هي إمتداد لعقود مضت في السياسات الخاطئة، سواء من قبل وزارات الماليّة المتعاقبة أو من قبل مصرف لبنان أو من قبل الحكومات المتعاقبة بشكل عام، عبر جعل الإقتصاد اللبناني هشًّا وريعيًّا بدل أن يكون إقتصاداً منتجاً يعتمد على عوامل أساسية عرف فيها لبنان، كالسياحة والزراعة والصناعة.
وأشار السيد حسين إلى أنه لكل هذه الأسباب على الحركة الشعبيّة أن تقول رأيها في المشهد الحالي بعيداً عن المحاصصة الطائفيّة والتقليديّة، و"إلا سنعود إلى نقطة الصفر"، مشيراً إلى أنّ من يحرص على الديمقراطيّة في لبنان وعلى نظام الحكم المستقر عليه أن يلتفت إلى مصالح المواطنين وإرادة اللبنانيين في العيش الكريم أولاً، ثم في إعادة إنتاج طبقة سياسيّة جديدة من خلال إنتخابات نيابيّة حرة بعيداً عن المحاصصة والإستقواء بالسلطة، لإتاحة الفرصة أمام ممثلي الشعب للوصول إلى المجلس النيابي، مشيداً بالإجراءات التي تقوم بها الحكومة على مستوى مكافحة وباء كورونا، لافتاً إلى أنّ "الخطّة المعتمدة معروفة عالميا ومنظمة الصحة العالمية أشادت بها أيضاً".
ورداً على سؤال، اعتبر السيد حسين أن بعض الجهات في الطبقة السّياسية عندما تتهدّد مصالحها تلجأ إلى شحن الأجواء وتحضير الرأي العام على أساس أنّ البلد مقبل على حرب أهليّة، قائلاً: "نحن لسنا عبيداً لدى بعض الأشخاص من الزعماء الذين ركبوا الموجات الطائفيّة، فإذا التقى زعيمان أو ثلاثة يقولون تمّت المصالحة، بينما بحال إختلفوا يقولون نحن على أبواب حرب أهليّة، والحقيقة أن الشعب اللبناني متصالح مع نفسه ولا توجد حرباأهليّة إلا في خيال بعض الموتورين المشدودين بالعمالة إلى الخارج"، مضيفاً: "مراجعة ملفات الحرب، من العام 1975 حتى العام 1989، تؤكّد أنها كانت صنيعة خارجيّة بأدوات داخلية"، معتبراً أنه "حان الوقت لهؤلاء الذين يهددون بالحرب الأهليّة أن يتعلّموا، وبحال لم يتعلّموا على الشعب ان يعلّمهم بمزيد من الصمود".
ورأى السيد حسين أنه من هنا تأتي أهميّة ما حصل في السابع عشر من تشرين الأول الماضي من تحركات شعبية بريئة وطبيعيّة، وليس بعض المتحزّبين المتعصّبين الذين أرادوا تشويه صورة هذا التحرك الشعبي وحرفه عن مساره الوطني من خلال قطع الطرقات واللجوء إلى العنف في بعض الأحيان، مشيراً إلى أن "هذه مسألة بعيدة كل البعد عن أخلاق اللبنانيين الذين يريدون التغيير الإيجابي"، معتبراً أن "لا بأس من عودة التحركات إلى الشارع إذا كانت منضبطة في إطار الحراك السلمي"، لافتاً إلى أنّ "المسؤوليّة تكون على قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني في ضبط الأمور، لأنّ الشعب له حريّة التحرّك في كل الظروف، لكن هناك فئات قديمة وجديدة ستتدخّل لحرف المسار الشعبي، ملخّصاً الأزمة في لبنان بأنّ هناك فئة انتفعت من الحرب ونتائجها خلال العقود الماضية ولا تريد أن تتخلّى عنها أو أن تُحاكم من قبل الشعب"، مضيفاً: "لا نخشى الإرادة الشعبيّة طالما هي إرادة طبيعيّة، كما حصل في الاسبوع الأول من حركة 17 تشرين الأول".
على صعيد متصل، علق السيد حسين على الحديث عن أن معالجة الأزمة النقدية والمالية لن تتم إلا بتسوية بين القوى السياسية والولايات المتحدة الأميركية، مشيراً إلى أن "من يقول هذا الكلام يلمّح إلى أن حاكميّة مصرف لبنان مرتبطة بوزارة الخزانة الأميركيّة"، معتبراً أن هذا أمر خطير ومعيب لأنّ لبنان دولة مستقلة، لافتاً إلى أنه "يجب الإنتباه إلى كلام رئيس الحكومة عن الريبة من سياسة مصرف لبنان والإشارة إلى التحريض فضلاً عن الأخطاء المتوارثة، لأنّه يحمل أبعادا عن تدخلات خارجيّة"، مذكراً بأنّه بعد أحداث الحادي عشر من أيلول في الولايات المتحدة باتت الإدارة الأميركية متدخّلة في الشؤون الماليّة للدول بحجة محاربة الإرهاب وتجفيف منابعه، وبالتالي تحت هذا الستار زاد التدخل في لبنان وغيره من الدول.
ورأى السيد حسين أنّ على حاكميّة مصرف لبنان أن تتقيّد بالقانون والدستور فقط، مشيراً إلى أن الحاكم، بحسب ما ينصّ القانون، هو موظّف بدرجة معيّنة لحماية النقد الوطني، وإذا فشل في ذلك يجب أن يستقيل أو أن يُقال بكل بساطة.
من جهة ثانية تطرق السيّد حسين، الذي تولى سابقاً رئاسة الجامعة اللبنانية، إلى التحدّيات التي يواجهها العام الدراسي في ظل أزمة وباء كورونا، مشيراً إلى أن العام الدراسي، سواء كان لمرحلة ما، قبل الجامعة أو التعليم الجامعي، يجب أن يستكمل، بمعنى أن يمدّد العام في هاتين المرحلتين، لافتاً إلى أنه يمكن إختصار العام الدراسي المقبل، 2020-2021، لأنّ الأخطر هو منح إفادات لا قيمة لها، كما جرى في العام 2014، مشدداً على أنّ "الإفادة خطر على الطالب وعلى مستوى لبنان العلمي والثقافي"، موضحاً أن "مسألة التعليم عن بُعد مفيدة لكنها غير كافية، لا سيما أنّ لبنان دخل هذا الحقل حديثاً، وهو نوع من ربط الطالب بالتحصيل العلمي بغض النظر عن نسبة الفائدة التي يجنيها"، مشدداً على أنّ "الأفضل العودة إلى الصفوف والإحتكاك بين الطلاب والتفاعل مع الأساتذة والإمتحانات والتدريب والتأهيل وغير ذلك".
إنطلاقاً من ذلك، رأى السيّد حسين أنه "في هذا الظرف الصعب لا بأس من تطوير خطوات التعليم عن بعد مهما كانت نتائجها محدودة، لكن عندما تفتح المدارس والجامعات أبوابها من جديد يجب أن يتمّ الربط العلمي بين ما تلقّاه الطالب بهذه الوسيلة الحديثة وبين التعليم الطبيعي حتى لا يخسر جزءاً من البرامج التعليمية أو الدراسية".