أكّد نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم أنّ "ما وصلنا إليه في لبنان من أزمات هو نتيجة تراكم سنوات طويلة من سياسات الحكومات السابقة"، لافتًا إلى أنّ "الحكومة الحاليّة تعمل على معالجة الملفّات بشتّى الطرق للوصول إلى النتيجة الأفضل ويجب إعطاءها فرصة".
ورأى في حديث إذاعي، أنّ "حاكم "مصرف لبنان" رياض سلامة يتحمّل مسؤوليّة فيما وصلنا إليه لكن ليس لوحده، وموقف "حزب الله" من موضوع الحاكم واضح، وهو ضرورة مناقشة مسألة المصرف المركزي داخل الحكومة وليس في الإعلام حتّى يُتَّخذ القرار المناسب في هذا الإطار، على أساس تقديم مصلحة البلد على أي شيء آخر"، مشيرًا إلى أنّ "وصول الدولار إلى مستويات قياسيّة يعني أنّ هناك أخطاءً متراكمة وأداءً سلبيًّا من "مصرف لبنان" أوصلنا إلى هذه النتيجة، والمتابعة يجب أن تكون بتشخيص العلّة ومحاولة تصحيحها لوضع حدٍّ لهذا الفلتان وهذا ما تعمل عليه الحكومة".
وركّز الشيخ قاسم على أنّ "حزب الله" مع دولة قويّة وفاعلة في لبنان ومع رسم خطط إصلاحيّة وإنقاذيّة شاملة، وهذا ما يمارسه الحزب في مجلس النواب والحكومة"، منوّهًا إلى أنّ "تحميل "حزب الله" مسؤوليّة ما يجري في لبنان أمر غير واقعي". وشدّد على أنّ "الحكومة قويّة وثابتة ومتماسكة وهي بدأت خطوات عمليّة من أجل وضع البلد على الخط الصحيح، وأنّ هناك جهات تريد إسقاط الحكومة لكنَّ إمكاناتها والظروف الموضوعية لا تسمح لها بالوصول إلى هذا الأمر"، داعيًا إلى "عدم الإستهانة بما حقّقته من إنجاز في مكافحة وباء "كورونا".
وحول مكافحة الفساد، ذكر أنّ "هذه المعركة لها أدواتها كما أنّ الإصلاح له خطوات عمليّة، وأنّ "حزب الله" ليس المسؤول الوحيد في هذا المجال، وما يستطيعه داخل التركيبة اللبنانية يقوم به بأقصى ما يستطيع". ولفت إلى أنّ "الخطّة الإقتصاديّة للحكومة كبيرة ومفصّلة، وإذا ما أقرّت مُرفقة بخطط إضافيّة متكاملة، فسنتلمس حينها بداية حلول للأزمات الراهنة"، مشيرًا إلى "أنّنا قد اطّلعنا على مسودة الخطّة ولدينا ملاحظات على بعض بنودها، ومجلس الوزراء سيبحثها وسيتخذ القرار بشأنها".
وأعلن أنّ "لدينا خطة اقتصاديّة اجتماعيّة متكاملة، لكنّنا لن نطرحها حتّى لا تُصبح هي محور النقاش، وقد يرفضها البعض لأسباب سياسيّة والبعض الآخر قد يعتبر أنّنا نصدّ الطريق أمام الحكومة للسير بخطّتها؛ لذا قرّرنا أن تكون خطّتنا مرجعيّة لدينا لدراسة خطّة الحكومة وتقييمها". وكشف أنّ "حزب الله" ليس بحاجة إلى شراء دولارات من السوق، لأنّ ليس لديه تجارة واستيراد بالدولار أو منظومة تتطلّب أن يَستخدم الدولار من أجل مشاريع اقتصادّية. "حزب الله" لديه مصادره الماليّة الّتي تأتي من المساهمات والتبرعات ولسنا بحاجة لنكون جزءًا من السوق".
وكرّر قاسم أنّ "الحكومة متماسكة واختلاف الرأي لا يفسد في الود قضيّة، ومن الطبيعي أن يكون هناك بعض التباين في وجهات النظر، وليس كلّما صدر رأي مخالف لرأي آخر، يعني أنّ الحكومة على حافة الإنهيار"، مؤكّدًا أنّ "بحسب قناعتي، ليس مطروحًا الآن أي تعديل حكومي أو استقالة للحكومة أو تغيير في بنيتها، وكلّ من يرشقها من الخارج يَفعل ذلك بشكل فردي ، أي لا يوجد جبهة معارضة متماسكة للمواجهة".
كما دعا إلى "إعطاء الحكومة فرصتها لتقدّم ما أعلنته في بيانها الوزاري وتتابع خطواتها العمليّة"، موضحًا "أنّنا لن ندخل في سجالات أو مهاترات إعلاميّة مع أحد، والناس يعلمون ما يجري على الساحة. "حزب الله" لا يحتاج إلى شهادة من أحد، ونحن نعمل بطريقة راسخة وطنيّة حقيقيّة، وأي موقف يتعرّض لـ"حزب الله" باتهامات، لن يكون موضع نقاش ومبادلة، لأنّنا مهتمّون بالعمل من أجل البلد لا بسجالات لا تقدّم ولا تؤخّر".
وشدّد على "أنّنا استطعنا مع كلّ المخلصين التخلّص من الفتنة السنيّة- الشيعيّة، الّتي كانت تطلّ دائمًا برأسها، والآن لا يبدو أنّ هناك مقدّمات أو مقوّمات لها"، مفيدًا بأنّ "العلاقة مع "تيار المستقبل" عاديّة جدًّا، ولا يوجد ما يقتضي تفعيلها". وركّز على "أنّني نسيت أنّ هناك محكمة دوليّة موجودة في هذا العالم، ولسنا مهتمّون في ما تقوله، والعلاقة مع أهلنا السنة جيّدة، ولا يراهنّن أحد على جرّنا إلى ملعبه".
وبيّن قاسم أنّ "حزب الله" من خلال طريقته في نقاش الخطط ومتابعة موضوع الحكومة، ناقش المسودّة الإصلاحيّة لبرنامج عمل الحكومة بالتفصيل، ووضعنا كلّ الآراء الّتي تقبل ببعض ما ورد وترفض بعضًا آخر وتطرح تعديلات"، كاشفًا أنّ "الوزير المختص مزوّد بكلّ الأفكار الّتي اقتنعنا بها وهناك آراء لوزراء من قوى سياسيّة اُخرى ولديها ملاحظات، لذا لا استبعد وضع الكثير من التعديلات على الخطّة الحكوميّة".
إلى ذلك، ذكر أنّ "الخطّة الإصلاحيّة ليست نتاج توافق سياسي، بل هي خطّة من أجل العمل لإيجاد إصلاح في داخل البلد، ووزراء "حزب الله" لم يكونوا جزءًا من وضع الخطّة الإصلاحية، وكذلك الوزراء للقوى السياسيّة الأُخرى"، مؤكّدًا "أنّنا بالمبدأ لسنا مع الخصخصة، لكن هناك شراكة بين القطاعَين العام والخاص قد تكون نافعة في بعض الأمور نناقشها كلّ على حدا، ونرفضها أو نوافق عليها في حينه". ونوّه إلى أنّ "رؤوس أموال البعض أتت بطريقة فاسدة وخاطئة وتدخل في إطار مناقشة الأموال المنهوبة، فيوجد قوانين تتابع من خلال القضاء المختص ووضع اليد على المال الفاسد".
وأعلن أنّ "حزب الله" ليس مع تحرير سعر صرف الدولار، ومع وَضع الخطوات العمليّة لإعادة الدولار إلى ما كان عليه"، جازمًا أنّ "في الخطّة الإصلاحيّة نرفض المس بالرواتب وأي ضريبة تشمل عامة الناس والموظّفين العاديّين، وكذلك أي ضريبة على المواد الأساسيّة". وأوضح "أنّنا عندما نعطي موافقة على الضريبة التصاعديّة أخذنا بالاعتبار أن تكون على المدخول اي الربح لا الراتب فقط. وهناك عمل حمائي في الخطّة للفئات الفقيرة والمتوسطة وتحصيل ضرائب من الفئات الغنيّة".
كما تمنّى قاسم أن "تبذل وزارة الاقتصاد والتجارة جهدًا إضافيًّا للجم ارتفاع الأسعار، وأن تقوم بشراء خدمات عدد من الموظفين او الفعاليات ليغطوا الساحة لمنع هذا التفلت في الاسعار ومحاسبتهم".