كشفت قضية باخرة الفيول التي وصلت الى لبنان الشهر الماضي النقاب عن الكثير من السمسرات والرشاوى وعن منظومة فساد حقيقية تعمل في تسهيل استيراد الفيول اويل الفاسد منذ سنوات الى لبنان ما عطّل إنتاج الكهرباء.
في تفاصيل القضية، وصلت الى لبنان باخرة "بلطيكا" المحملة بالفيول اويل لافراغها في معملي الذوق والزهراني، بموجب العقد الموقع مع شركة "سوناطراك" عام 2005 والذي يقضي باستيراد الفيول من الجزائر الى لبنان. تكشف مصادر "النشرة" أنه "بموجب العقد الموقع مع الشركة المذكورة هناك 5 شركات مخوّلة للقيام بالفحوصات اللازمة للتأكد من نوعية الفيول الذي سيسلم الى لبنان، وهذا ما حصل مع "بلطيكا" قبل انطلاقها فأخذت العيّنات وفُحِصت واكدت أنها جيدة"، لافتة الى أن "الباخرة وصلت لبنان وهي تحمل النتيجة من شركة Verias Malta تؤكد فيها أن الفيول صالح".
تشرح المصادر آلية استلام لبنان لباخرة الفيول، وتلفت الى أن "مديرية النفط تستلم الباخرة على ان يتم افراغ الحمولة بالمنشآت النفطية حيث تقوم المنشآت بأخذ العينات من جديد لفحصها". وهنا تشير المصادر الى أن "النتيجة جاءت كلها مطابقة فتم افراغ الشحنة في الذوق والزهراني،الاّ أن شركة MEP المسؤولة عن ادارة الكهرباء في لبنان شككّتبالنوعية فاعادتارسال عينات الىVeritas دبي كونه مختبر متخصص جداً فجاءت النتيجة بأن الفيول غير صالح ومغشوش".
"بناء على النتيجة أعلمت شركة MEP مدير عام كهرباء لبنان كمال حايك بالمسألة وهو بدوره ابلغ مدير عام النفط اورور فغالي وجاء الرد "منحل الموضوع نحنا والجزائر". هذا ما تؤكده المصادر، مشيرة الى أن كل هذه المعطيات تبيّنت في التحقيقات التي أجرتها مدعي عام جبل لبنان بالاستئناف القاضية غادة عون، والتي تحركت في الملف بناء على إخبار تقدم به عضو المجلس السياسي في "التيار الوطني الحر" المحامي وديع عقل.
تشدّد المصادر على أن "التحقيقات أظهرت أن شركة Veritas Malta التي أكدت صلاحيّة العيّنات، ليست واحدة من الشركات المسموح لها باجراء فحوصات للفيول اويل، والمشكلة أن مديرية النفط والمنشآت النفطية تدرك هذا الامر جيداً"، وتضيف المصادر: "كشفت شركة Veritas Malta استنادا الى التحقيقات التي اجرتها القاضية عون أن الجهة الحقيقية التي أحضرت الباخرة والمسؤولة عن التقرير المزوّر ليست فعلا شركة "سوناطراك" انماZR Energie"، مشيرة الى أنه "وبناء على هذه المعطيات تم التحقيق مع ممثل شركة "سوناطراك" في لبنان طارق الفوّال الذي اكد بداية ان الشركة ليست المسؤولة عن احضار الباخرة ومن ثم عاد واعترف بكل شيء لا سيّما بأن الشركة هي مجرّد وسيط يتقاضى الاموال من اللبنانيين ويعود ويلّزم المحروقات لشركتين هما BBA وZR energie لريمون وتيدي رحمة وهناك رشاوى بملايين الدولارات كانت توزّع على موظفين ومدراء".
تضيف المصادر: "دخلت ZR Energie على خط استيراد الفيول الى لبنان عام 2018 عندما تم تعديل العقد مع شركة "سوناطراك" الجزائريّة حيث تفرعت من الشركة الجزائرية الام شركة Offshore والتي ادخلت ZR Energie على خط الفيول"، وتقول المصادر "نحن لسنا أمام شحنة فاسدة بل نحن أمام شبكة كبيرة تحقق مئات ملايين الدولارات من الأرباح منذ سنوات من أموال اللبنانيين".
في المحصّلة إدّعت القاضية عون على 21 شخصا في قضية الفيول المغشوش، واصدرت 4 مذكرات توقيف غيابية بحق سركيس حليس واورور فغالي وممثل ZR في لبنان تيدي رحمة ومدير الشركة ابراهيم الذوق، و14 مذكرة توقيف وجاهية بحق 14 موظفا وموظفة في المختبرات تابعة لمنشآت النفط، كما ادعت بجرم التزوير واستعمال المزور وقبض رشاوى وتبيض اموال واحتيال واستغلال نفوذ.
أمام هذا المشهد بدأ اللبنانيون يفهمون سبب عرقلة الكهرباء، فخلف هذا كلّه شبكة ضخمة تستفيد من اموال اللبنانيين لصالحها. هنا سؤال يُطرح: هل ستتخذ الحكومة القرار لمتابعة بالملفّ حتّى النهاية، أم أنّه سيخضع للتجاذبات أيضًا، "وسنبلّط البحر"؟!.