في مقاربة ملف النفايات، وحتى هذه اللحظة، لم يختلف آداء حكومة حسان دياب عن سابقاتها. لماذا؟ لأنها لم تتخذ أي إجراء إستباقي يجنّب مناطق كسروان والمتن وبيروت أزمة نفايات بعد إقفال مطمر الجديدة، بل إنتظرت وصول المطمر الى قدرته الإستيعابية القصوى وبدأت بالتحرك.
ففي منتصف ليل ٣٠ نيسان الفائت، أبلغ داني خوري متعهد مطمر الجديدة مجلس الإنماء والإعمار بإقفال المطمر، كل ذلك، قبل تأمين بديل له لإستقبال نفايات المتن وكسروان ومناطق من بيروت. قبل الإقفال بأكثر من أسبوع، سبق لرئيس الحكومة أن عقد إجتماعاً لنواب المتن حضره وزير البيئة دميانوس قطار ورئيسا بلديتي الجديدة وبرج حمود ورئيسة إتحاد بلديات المتن، وفي الإجتماع المذكور، حصل دياب من الحاضرين على إقتراحاتهم للحل على أن يعود ويجتمع بهم ثانية بعد حوالي اسبوع لإتخاذ القرار، غير أن المفاجأة كانت في الإجتماع التالي، إذ سمعوا من قطّار أن مسعى إعادة فتح مطمر الناعمه لم ينجح بعد، وأن الحل الذي يؤيده هو رفع الطمر لمتر في الجديدة ولمتر آخر في مطمر برج حمود الذي سبق أن أقفل قبل الجديدة، وهو الذي يعرف تماماً بأن خيار رفع مستوى الطمر في الجديدة، لا يحظى بتأييد جميع الأفرقاء، وفي برج حمود مرفوض إطلاقاً من قبل البلدية وحزب الطاشناق، وهذا ما عبّر عنه بصراحة الأمين العام للحزب النائب هاغوب بقرادونيان خلال إجتماع السراي المذكور.
ما هو مطروح بحسب المعلومات، هو ما ورد في الدراسة التي أجراها مجلس الإنماء والإعمار بطلب من الحكومة، عن توسعة مطمر الجديدة مع المحافظة على مرفأ الصيادين، وعن جهوزية مطمر الناعمه.
بحسب الدراسة، تبين أن توسعة الجديدة تؤمن طمر ٣١٠٠٠٠ طن لمدة سنة تقريباً، تبدأ بإستقبال النفايات خلال ٣ او ٤ أشهر من بدء الأعمال، أما كلفة التوسعة فقدرت بـحوالى ٣٠ مليون دولار وكلفة طمر الطن الواحد هي ٩٩ دولاراً.
أما بالنسبة الى القدرة الإستيعابية لمطمر الناعمه، فقد جاء في دراسة الإنماء والإعمار، خيارات ثلاثة:
الأول هو بإستعمال خلايا طمر منفذة سابقا في الناعمه، قادرة على إستيعاب ٣٧٥٠٠٠ طن من النفايات لمدة سنة وشهرين، وتجهز خلال أسبوعين بكلفة حوالى ٢٢ مليون دولار وللطن الواحد ٦٠ دولاراً.
الثاني بإستحداث خلايا جديدة قادرة على إستقبال ٩٣٠٠٠٠ طن لمدة ثلاث سنوات وتجهز خلال أسبوعين، كلفتها حوالى ٣٨ مليون دولاراً وللطن الواحد ٤٢ دولاراً.
أما الخيار الثالث فهو إستحداث خلايا جديدة لطمر ٢ مليون و١٣٠ الف طن من النفايات لمدة أكثر تصل الى ست سنوات، كلفتها حوالى ٨٢ مليون دولاراً و٣٨ دولاراً للطن الواحد وتصبح جاهزة خلال أسبوعين.
هذا الخيار الثالث في الناعمه هو الأوفر، لكن رفع مستوى الطمر في الجديدة يبقى الأسرع.
بين الأوفر والأسرع، لم تتخذ الحكومة قرارها بعد، وعليها ألا تتأخر في إتخاذه، لأن شركة رامكو التي تجمع النفايات من كسروان والمتن وبيروت، لن تكون قادرة على الإستمرار في مهامها عندما تبلغها معامل الفرز أنها لم تعد قادرة على تكديس النفايات المفرزة لديها، وعندها سيعود مشهد أزمة العام ٢٠١٥ ليتكرر من جديد في الشوارع.