لا تزال معاناة اللبنانيين العالقين في دول أخرى بسبب أزمة تفشّي فيروس كورونا مستمرّة، وجديدها شكوى من متواجدين في اندونيسيا، يؤكّدون رغبتهم في العودة بأسرع وقت ممكن، نظراً إلى الظروف الصعبة التي يمرّون بها، لا سيما أن بينهم من كان في رحلة سيّاحية أو رحلة عمل لم يكن من المقرر أن تتجاوز 5 أيام، بينما مضى على اقامته هناك ما يقارب 30 يوما.
هؤلاء لم يتأخروا في تسجيل أسمائهم من أجل العودة، لكنهم وقعوا ضحية الإجراءات والإمكانات المتواضعة لدى الدولة اللبنانية، حيث وجدوا نفسهم أمام معادلات الأولويّات التي حالت دون تسيير رحلة لإعادتهم إلى لبنان، وباتوا يخشون على أنفسهم من 3 مخاطر: الإصابة بالفيروس، عدم توفر الأموال، التحذيرات من احتمال تعرضهم للسرقة بسبب توقّف الأعمال هناك.
في هذا السياق يشير المواطن محمد فولادكار، في حديث لـ"النشرة"، إلى أنّه "وصل إلى اندونيسيا قبل 3 أيام من الاعلان عن إقفال المطار، حيث لم تكن قد سجّلت إلا إصابة واحدة في حين أنّ عدد سكانها كبير"، لكنه يلفت إلى أن "عدد الإصابات اليوم وصل إلى 15000، وبالتالي الخطر أصبح حقيقياً على اللبنانيين العالقين هناك".
ويوضح فولادكار أنه "عند مراجعة السفارة اللبنانية طلب منهم تقديم طلب إلى وزارة الخارجيّة، لكن حتى الآن لم يتمّ التواصل معهم لتأمين العودة في حين أن السفارة عاجزة عن تقديم أي مساعدة لهم"، ويشير إلى أن "عدد اللبنانيين في اندونيسيا يصل إلى 65، 45 من السواح، يعانون من أوضاع صعبة نظراً إلى أن ما بحوزتهم من أموال كان على أساس أن الرحلة لن تتجاوز 5 أيام".
ويلفت فولادكار إلى أنه "طلب من القائم بالأعمال، الذي كان قد اقترح أكثر من مرة نقلهم إلى قطر على أن يصار لاحقاً ارسالهم إلى بيروت، أن يسمح له بالإقامة في السفارة، إلا أنه رفض لأنّ ذلك يحتاج إلى قرار من السلطة المركزية في بيروت"، ويضيف: "ما نطالب به هو العودة إلى لبنان، لا سيما أن هناك دولاً أخرى قامت بإجلاء رعاياها من هنا، فالسعودية، على سبيل المثال، كان لديها 1000 مواطن في اندونيسيا قدمت لهم كل أنواع المساعدة، قبل أن ترسل طائرات لتأمين عودتهم إلى بلادهم في يوم واحد".
بدوره يشير المواطن حسن .ش، الموجود أيضًا في البلد المذكور برفقة زوجته منذ ما يقارب 45 يوما، إلى أنهم صبروا بانتظار معالجة أوضاعهم 3 أسابيع لكن حتى الآن ليس هناك من حلّ يلوح في الأفق، ويستغرب حديث السلطات اللبنانية عن السعي للحفاظ على سلامتهم، حيث يلفت إلى 3 معطيات أساسية على هذا الصعيد: ارتفاع عدد الإصابات، نفاذ الأموال منهم لأن أغلبهم في رحلات سياحية، احتمال حصول سرقات بعد توقف الأعمال حيث يتواجدون.
ويلفت إلى نصائح بالانتباه من إمكانية تعرضهم لعمليات نشل تلقوها، في حين أنه بحال تعرض أحدهم لأي عارض ليس لديه أيّ تأمين صحي، ويوضح أن زيارته كان من المقرر أن تكون لمدة أسبوع واحد، وبالتالي قام بكل الإجراءات على هذا الأساس، سواء بالنسبة إلى الأموال التي كانت بحوزته أو بالنسبة إلى الأغراض الشخصية.
حول هذا الموضوع، ينفي القائم بالأعمال في السفارة اللبنانية في اندونيسيا كريم خليل، في حديث لـ"النشرة"، وجود مشكلة كبيرة على هذا الصعيد، ويلفت إلى أن المسألة متعلقة بالأولويات، ويوضح أن "عدد اللبنانيين هناك ليس بالكبير"، ويشير إلى أنه "تم تسجيل أسماء ما يقارب نحو 60 شخصاً من قبل السفارة"، إلا أنه يؤكد أن الغالبية لم تحسم رغبتها بالعودة، ويضيف: "سجلت الأسماء كي لا نقع في مشكلة في اللحظات الأخيرة، وبالتالي من لا يريد العودة نشطب اسمه".
ويؤكد خليل أن السفارة قامت بكل ما هو مطلوب منها على هذا الصعيد، كما أنها قدّمت المساعدة لمن يحتاج لها، ويلفت إلى أنها في الوقت الراهن تنتظر التعليمات الجديدة من بيروت، ويشير إلى أن عدد السواح العالقين في بالي ليس بالرقم الكبير، بل أن الرقم الأكبر هو في جاكارتا، إلا أنه يوضح أن هؤلاء من المقيمين وبعضهم هو في زيارة من دولة ثالثة إلى عائلته التي تقيم في اندونيسيا.
وينفي خليل تبلّغ السفارة بوجود أيّ مشكلة فعليّة لم تعمل على معالجتها، حيث كان هناك أحد الأشخاص الذين يعانون من أزمة مادية تمت مساعدته في البداية من قبلها ولاحقاً من قبل أحد أبناء الجالية الخيّرين، نظراً إلى إمكانيّات السفارة المتواضعة، ويؤكد أن الوضع في اندونيسيا ليس سيئاً، فعدد الإصابات الذي يقارب 15000 هو على عدد سكان يصل إلى 70 مليون نسمة.
في المحصّلة، يؤكّد خليل أن هناك اقتراحاً كان قد قُدّم بأن يتم نقل من يرغب من اللبنانيين إلى بلد آخر، على أن يتم نقله لاحقاً إلى بيروت عبر شركة طيران الشرق الأوسط، ويلفت إلى أن هذا الاقتراح لا يزال قيد الدرس، ومن المرجّح تطبيقه على أكثر من دولة في الوقت عينه، أي أن يتم نقل لبنانيين من أكثر من دولة إلى دولة واحدة ومن ثمّ نقلهم معاً إلى لبنان.