مع بداية شهر ايار، ينطلق الجنوبيون في الأودية والبراري لقطاف موسم الزعتر البري أو الجوي الذي بات يزرع في الخيم البلاستيكية في بلدات جنوب وشمال الليطاني باعتبار أنه يدر ربحاً وهو مصدر رزق للكثير من العائلات، لكن ما تفاجأ به المواطنون وللسنة الثانية على التوالي أن عائلات سورية بأكملها تقوم بالقطاف قرب نهر الليطاني، بطريقة اقتلاع النبتة من جذورها بالمجرفة، ضاربين بعرض الحائط عودتها للنمو، وغير مكترثين لخطة التعبئة العامة وتفشي وباء الكورونا فيما بينهم.
ومن ثم يعملون على نقل الانتاج والحمولة، بواسطة سيارات البيك اب، إلى نطاق سكنهم، حيث يقومون بدقّه وبيعه في أسواق النبطية بسعر 30 الفاً للكيلو الواحد من دون ادخال السمسم، (5 الاف للكيلو)، والسمّاق (7 الاف للكيلو) ليصبح مذاقه الذ وأطيب، وتسمح جودته بتخزينه واستعماله في صناعة المناقيش أو حتى، في حال توفر بكميات كبيرة، بالدخول في صناعة بعض الأدوية.
الجنوبيون لم يرضوا بذلك وتذمروا من سرقة مورد رزقهم من أمامهم ومن أرضهم، فقصدوا البلديات لتقديم الشكاوى، لكنها لم تشف غليلهم لأنها توفر الاجراءات للتعبئة العامة فقط، لكن بدأت شرطة كل بلدية تراقب الأودية التابعة لها لمنع كل المخلين بالتعبئة العامة، منعاً لتفشي فيروس الكورونا.
في هذا السياق، يشير عضو بلدية يحمر ناصر عليق، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن الزعتر البري ينتشر بين الصخور وفي الأودية المحيطة بالبلدة، لكن منذ 5 سنوات وزعت جمعية جهاد البناء في الجنوب شتولاً على المزارعين الذين استصلحوا أراضهيم بزراعة الصعتر في خيم بلاستيكية، ونجحت التجربة وانتج الدونم الواحد 12 مليون ليرة على موسمين في السنة.
من هنا، يرى عليق أن هذه الزراعة يجب أن تدخل الجدوى الاقتصادية بعدما راجت كالقمح والشعير والعدس، ويلفت إلى أنها بحاجة لدعم من التعاونيات الزراعية من خلال مد المزارعين بخزانات وانانبيب للري، الأمر الذي يضاعف الانتاج والمدخول، لأن الدونم الواحد يعطي موسمين في السنة وتنفيذ مشروع الليطاني كفيل بانعاش وتطوير الزراعة في الجنوب.
بدوره، يلفت مدير جهاد البناء في الجنوب قاسم حسن إلى أننا "نوزع الشتول في شهري اذار ونيسان من كل عام، ونهدف إلى تمكين مزارع التبغ أولاً من توفير مؤونته السنوية وخلق فرص عمل"، ويوضح أن التجربة نجحت حيث تمكن أحد المزارعين من زوطر من زرع 60 دونماً قرب الخردلي وصدّر كميّة كبيرة إلى الجالية اللبنانية في لندن والسعودية للتموين المنزلي والعائلي.
ويؤكد أن زراعة الزعتر نجحت على الصعيد المنزلي وكل دونم ينتج في الموسم الواحد 6 ملايين، واذا توفر ريّه ينتج الموسم الأخضر في شهر شباط للطعام، ويشير إلى أننا "نهدف إلى تعميم التجربة على كل المناطق الزراعية في الجنوب، لعدم الحاجة إلى عناية ورعاية كبيرة انما هي كمكمّل لعمل أو وظيفة".
من جانبه، يشير علي عباس من زوطر إلى أن زراعة الزعتر تحتاج إلى رعاية أقل من زراعة التبغ، لكنه لا يمكن أن يتحول إلى زراعة بديلة عن التبغ، ويوضح أن سعر كيلو الزعتر يتراوح ما بين 25-30 الفا بينما سعر كيلو التبغ الواحد 14 الفاً، وبالتالي كلفة زراعة الزعتر أقل ومدخولها أكبر من التبغ الذي يحتاج إلى عناية كبيرة، ويلفت إلى أن زراعة الصعتر دخلت إلى الجنوب بعد عدوان تموز 2006 بعد المشروع الذي تكفل بتمويله برنامج الأمم المتحدة، ومن ثم باشرت جهاد البناء بتوزيع الشتول على المزارعين.
وهو الأمر الذي يؤكد عليه رئيس جمعية الانماء في يحمر فؤاد قرة علي، الذي يشير إلى أن هذه الزراعة عرفتها الحقول في البلدة بعد
تموز 2006، حين قدمت احدى المنظمات الايطالية شتولاً وخزانات وأنابيب المياه للري لـ7 مزارعين تضررت مزروعاتهم بالعدوان، بهدف مساعدتهم على مواجهة صعوبة العيش.
ويوضح أن هذه الزراعة توسّعت اليوم والأهالي من يعتمدون على قطاف الزعتر البري وخلطه بالسمسم والسماق، حيث يصل سعر الكيلو إلى 35 الفاً، بينما الدونم المزروع من دون ري يعطي 15 كيلو ومع ريه يتضاعف الانتاج والمدخول.
أما نائب رئيس بلدية زوطر الشرقية شوقي حرب، فيلفت إلى أن المساحة المزروعة بالزعتر في البلدة تفوق الـ70 دونماً، ويعطي الواحد 12 مليوناً في السنة مما يزيد من مستوى دخل المواطنين، ويشير إلى أننا "حصلنا على الشتول من جمعيات دولية ومن جهاد البناء، وزراعة الزعتر ليست بحاجة إلى عدد كبير من العاملين".