هو شهر رمضان المبارك، الشهر التاسع من أشهر السنة الهجرية، حيث يأتي بعد شعبان وقبل شوال، ويبلغ عدد أيامه ثلاثين أو تسعة وعشرين يوماً، وقد فرض الله تعالى على المسلمين صيامه في شعبان من العام الثاني للهجرة، فصامه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم تسع سنوات قبل أن يتوفاه الله تعالى في العام الحادي عشر للهجرة.
وقد حثّ الله عزّ وجلّ والنبي محمد على مبدأ التكافل الاجتماعي خصوصا في شهر رمضان المبارك، حيث يكون المسلمون سواسيّة من ناحية الالتزام بشرائط الصيام، فيشعر الغني بجوع الفقير وعطشه، فيحرص على الحفاظ على التكافل الاجتماعي كنوع من الايمان، فتتعدّد مظاهره وتتنوع، فمنها العلني ومنها ما هو خفي كإقامة موائد الرحمن لافطار الصائمين من الفقراء وذوي الطبقات الشعبية غروب كل يوم، أو توزيع مساعدات غذائية تخفف من معاناتهم اليوميّة في ظل الأزمة الاقتصاديّة والمعيشيّة الخانقة، او دفع الصدقات والتبرعات للجمعيات الخيرية للإنفاق منها على سد حاجة المعوزين والمحتاجين والأيتام.
من هنا جاءت فكرة اقامة "المطبخ الرمضاني" او "مائدة صاحب العصر والزمان" في بلدة الكفور الجنوبيّة باشراف مباشر من البلديّة ولجنة التكافل الاجتماعي في شعبة الكفور في حزب الله، وبدعم من اصحاب الايادي البيضاء الذين تكفلوا بتغطية كافة نفقات هذا المشروع الديني والانساني.
تؤمّن "مائدة صاحب العصر والزمان يوميا" وجبة الافطار الى ما يزيد على الخمسمائة وسبعين شخصا، تمّ تصنيفهم في لوائح بحسب الاولى، حيث تتضمن الوجبة الواحدة اضافة الى صحن الفتوش اليومي والحساء (الشوربة) وجبة رئيسية اخرى ووجبتي مقبلات، توضع كل منها في علبة بلاستيكيّة صغيرة مع غطاء وتوضع جميعها في علبة بلاستيكية كبيرة مع غطائها ايضا، وذلك لضمان وصول الوجبات ساخنة وعدم تعرّضها لاي عوامل خارجيّة اثناء توزيعها، وتعتمد هذه العلب ذاتها لنفس الشخص يوميّا. ويتمّ ايضا توزيع الوجبات على بعض العوائل المحتاجة من الطائفة المسيحيّة الكريمة، حتى لا تكون مائدة صاحب العصر والزمان (عج) حكرا على المسلمين والصائمين فحسب، بل لتشمل بكرمها كافة الشرائح المحتاجة في المجتمع الكفوري.
تم تجهيز المطبخ بسرعة فائقة خلال عشرة ايّام قبل بدء شهر رمضان المبارك، وذلك من خلال شراء الافران المعتمدة في مطابخ المطاعم وحلات الطبخ وكافة الاواني والمستلزمات المطبخية، وتجهيز مخبز كامل خاص بصناعة المعجنات، اضافة الى تأمين الثلاجات والبرادات. وقد عمل المعنيون خلال فترة تجهيز المطبخ على شراء المواد الاوليّة اللازمة في تجهيز الوجبات والتي يمكن تخزينها في غرف خاصة او في الثلاجات، والاتفاق مع مؤسسات تجارية ومسالخ اللحوم على انواعها ومزارع للمواشي لتلبية كل حاجات الطهاة من حبوب وخضار طازجة ولحوم والبان وغيرها من المكونات المستخدمة في طهو وتجهيز الوجبات.
يقوم بطهو الوجبات اثنان من الطهات من ذوي الخبرة في تجهيز الولائم الكبيرة يساعدهما كادر كبير من المتطوعين من الشباب والسيدات والشابات (زهاء 60 متطوعا)، حيث يقوم كل متطوّع ومتطوّعة بالعمل الذي اوكل اليه من قبل المشرفين على الطهو والتوضيب والتوزيع، بحيث لا يتضارب عمل احد مع الاخر، وذلك لتأمين الدقّة والسرعة المطلوبة في التجهيز والتوضيب، ومن ثم في عمليّة التوزيع التي تكفّل بها ايضا فريق من المتطوّعين بالاضافة الى بعض عمال البلديّة.
افردت بلديّة الكفور حيزا واسعا من احدى باحات القصر البلدي وقاعة كبيرة في الطابق السفلي منه، حيث يتم طهو وتجهيز وتوضيب الوجبات، اضافة الى فرز اربع آليّات من آليّاتها مع سائقيها وتكليفهم بعمليّة التوزيع، بعدما تمّ تقسيم القرية الى احياء، تعمل كل آليّة على ايصال الوجبات الى مستحقيها بسرعة فائقة قبل موعد الافطار باقل من ثلاث ارباع الساعة، ضمن خطة دقيقة ومدروسة، بالاضافة الى تطوع اكثر من خمسة اشخاص مع سياراتهم للمشاركة في عمليّة التوزيع.
يعتبر رئيس بلديّة الكفور الحاج خضر سعد والقيمون على هذا المشروع بأنّ ما قدمه اصحاب الايادي البيضاء اكرم الناس الى اشرف الناس من دعم لاقامة هذه المائدة المباركة في الشهر الكريم، ما هو الا تأكيدا منهم على انّ مجتمع الكفور المصغّر عن لبنان ما زال ينعم بالخير بوجود اهل الخير في شهر الرحمة والخير وغيرها من المناسبات الكريمة الاخرى.