لفت رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس في فلسطين المطران عطاالله حنا، في رسالة صوتيّة وجّهها إلى رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء حسان دياب، إلى "أنّني أوجّه إليكم رسالتي هذه من مدينة القدس الّتي كانت وستبقى عاصمة لفلسطين رغمًا عن كلّ المؤامرات والمشاريع المشبوهة الّتي تحيط بنا، أبعث إليكم برسالتي هذه من رحاب مدينة مقدّسة مباركة تحتضن أهمّ مقدّساتنا الإسلاميّة والمسيحيّة لا سيّما المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة. أبعث إليكم بتحيّة القدس، تحيّة أبنائها ومناضليها، تحيّة أولئك الّذين يتصدّون للاحتلال بصدورهم العارية، لكي يحافظوا على المدينة المقدّسة، مدينة عربيّة فلسطينيّة عاصمة لفلسطين".
وركّز على أنّ "من رحاب القدس الشريف، أبعث بتحيّة المحبّة والتقدير إليكم وإلى لبنان من خلالكم، نحيّي أحباءنا وأهلنا في لبنان الشقيق، هذا البلد الّذي نحبّه ونتمنّى له الخير، هذا البلد الّذي نصلّي دومًا من أجله، ونتمنى ونسأل الله أن يتجاوز الصعاب والأزمات الّتي يمرّ بها". وأشار إلى أنّ "لبنان بلد الجمال، بلد الأخوة واللّحمة والعيش المشترك، فقد كان لبنان وما زال متميّزًا في وحدة أبنائه بغضّ النظر عن انتماءاتهم المذهبيّة أو الدينيّة، لبنان وقف مع القضية الفلسطينية منذ النكبة، لا بل حتّى قبل النكبة، منذ أن ابتدأت المشاريع الهادفة إلى سرقة فلسطين وتصفية قضيّتها. وعندما حلّت النكبة الفلسطينية عام 1948 وفرض على الفلسطينيين أن يكونوا لاجئين، استقبل لبنان عددًا من اللاجئين الفلسطينيين، وها هي المخيمات الفلسطينية اليوم في لبنان هي خير شاهد على ما قدّمه لبنان للشعب الفلسطيني وللقضية الفلسطينية عندما حلّت النكبة".
وشدّد المطران حنا على أنّ "هؤلاء الفلسطينيّين المشرّدين والمنكوبين في مخيّماتهم ليسوا هم الّذين اختاروا أن يكونوا في المخيّمات وأن يكونوا لاجئين هنا وهناك، بل فرض عليهم اللجوء"، منوّهًا إلى أنّ "في هذه الأيام نحن نستذكر النكبة، وفي هذه الذكرى الأليمة نؤكّد حقّ عودة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وفي غير لبنان وفي بلاد الانتشار، من حقّهم أن يعودوا إلى وطنهم السليب، إلى فلسطين".
وأكّد أنّ "اللاجئين الفلسطينيين في مخيّماتهم وفي بلاد الانتشار، إنّما هم متشبّثون بحقّ العودة الى وطنهم الأم. ولكن ريثما تتحقّق هذه العودة المنشودة الّتي ينتظرها الفلسطينيّون جميعًا وهي آتية لا محالة، فهذا حقّ لا يسقط بالتقادم ريثما تتحقّق هذه العودة". وتمنّى أن "يتمّ التعامل مع اللاجئين الفلسطينيين في مخيماتهم بإنسانيّة، وأن تُصان حقوقهم لأنّهم مجروحون، لأنّهم متألّمون ومنكوبون، لأنّهم فُرِض عليهم أن يتركوا بلدهم الجميل فلسطين الأرض المقدسة. لذلك، فإنّنا نتمنّى من الدول المضيفة لهؤلاء اللاجئين أن تقدّم لهم أبسط الخدمات الّتي يحتاجونها". وذكر أنّ "طبعًا المطلب الأساسي للاجئ الفلسطيني هو أن يعود إلى وطنه هذا المطلب الأساسي، وريثما تتحقّق هذه العودة يجب أن تقدّم لهذه المخيّمات وأن يقدّم لأبنائنا اللاجئين ما تيسّر من دعم ومؤازرة ومساعدة حتّى يصمدوا ويبقوا في مخيماتهم وهم متشبّثون بحقّ العودة، وهم متمسّكون بمفاتيحهم وكواشينهم حتّى يعودوا إلى وطنهم السليب".
وشكر الدولة اللبنانية "على ما تقدّمه، ونحن نعلم جيّدًا أنّ لبنان يمرّ بظروف استثنائية. نحن لا نريد ان نثقل على لبنان ولا نريده أن يتحمّل مسؤوليّات أكثر ممّا يمكن أن يتحمّلها، لكنّنا وانطلاقًا من محبّتنا للبنان وتقديرنا للبنان، نتمنّى أن تكون هناك التفاتة إنسانيّة من قبلكم، من قبل المسؤولين في الدولة اللبنانية إلى أهلنا في المخيمات". وتوجّه إلى الرئيس عون وبري ودياب، قائلًا: "هنالك لاجئون فلسطينيون يحملون وثائق سفر لبنانيّة يحملها عادةً اللاجئون في لبنان، وثائق سفر موقتة تؤكّد أنّ حاملها هو لاجئ فلسطيني قاطن في مخيمات لبنان، هناك عدد من هؤلاء عالقون في دول متعدّدة في العالم، بسبب توقّف الطيران بسبب جائحة "كورون". هنالك لاجئون فلسطينيون من أبناء مخيمات لبنان عالقون في دول مختلفة في هذا العالم، نتمنّى من الجهات اللبنانية الرسمية، من المسؤولين اللبنانيّين مساعدة هؤلاء لكي يعودوا إلى لبنان إلى مخيماتهم. لا توجد هنالك دولة أُخرى مستعدّة لاستقبالهم، هؤلاء هم لاجئون في مخيمات لبنان ويجب أن نساعدهم على أن يعودوا إلى أسرهم وإلى المخيمات الّتي يعيشون فيها".
كما نتمنّى المطران حنا منهم وناشدهم ومن منطلقات إنسانيّة بالدرجة الأولى، أن "تساعدوا هؤلاء الفلسطينيين العالقين في دول مختلفة في عالمنا بأن يعودوا إلى لبنان إلى مخيماتهم، وكما قلت لكم فإنّ المطلب الأساسي للفلسطيني اللاجئ هو أن يعود إلى وطنه الأم، ولكن ريثما تتحقّق هذه الأمنيّة وهذا المطلب العادل سيبقى في المخيم، سيبقى لاجئًا حتّى يتحقّق حلم العودة إلى فلسطين الأرض المقدّسة". وخاطب الرؤساء الثلاثة بالقول: "نداء إليكم أوجّهه لمساعدة هؤلاء الفلسطينيّين العالقين لكي يعودوا إلى أسرهم، ندائي أوجه إليكم باسم القدس الّتي أَعلم مكانتها عندكم. ندائي أوجّهه إليكم باسم شعبنا، باسم المرجعيّات الروحيّة الإسلاميّة والمسيحيّة في القدس، باسم أبناء القدس جميعًا الّذين يوجهون التحيّة للبنان الشقيق قائلين لكم إنّنا نحبّكم، نحب لبنان، نحن أوفياء للبنان؛ وسنبقى دومًا أوفياء للبنان الّذي كان دومًا رائدًا في دفاعه عن فلسطين وقضيتها العادلة".