وضعت المديرية العامة للاحوال الشخصية منذ ايام قليلة في متناول المواطنين، احصاءات رسمية وفق المحافظات الثماني التي يتألف منها لبنان. اللافت في هذه الخريطة، عدا عن كونها تقدّم للمواطنين وللمرة الاولى ارقاماً رسمية لجهاز رسمي في الدولة عن عدد الناخبين وتقسيمهم وفق الجنس ومعدل الاعمار، انها نفّذت من قبل الموظّفين في المديريّة وليس من قبل شركات خاصة، ما يضفي عليها مصداقية اكبر ومرجعاً دقيقاً يمكن الركون اليه. هذه الخدمة الجديدة، اتت في ظل معمعة وباء كورونا والتعبئة العامة التي فرضتها على اللبنانيين، فاستغل المدير العام للمديرية العميد الياس الخوري هذه الفترة وطلبالى الموظفين استغلال الوقت بأفضل طريقة ممكنة، ووفق الامكانات المتوافرة، فكان انجاز قوائم الناخبين وفق المهل القانونية ووضعها على قرص مدمج CD يمكن للجميع الحصول عليه، وها هي الاحصاءات باتت ايضاً متاحة عبر الموقع الرسمي للمديرية، على ان تتجدد بشكل دوري وتكون اكثر شمولية.
وفي نظرة سريعة على هذه الاحصاءات التي وردت عن العام 2019، يمكن بناء الكثير من المعطيات والقيام بالكثير من التحاليل والتوقعات عن الوجهة المنتظرة للانتخابات المقبلة، انطلاقاً مما تقوله لنا الارقام بالنسبة الى عدد الناخبين في كل قضاء وجنس كل منهم ومعدل الاعمار، ناهيك عن عدد الولادات والوفيات.
ووفق الارقام الاجمالية للمحافظات الثماني، فإن عدد الناخبين المسجلين بلغ 3860939 ناخباً منقسمين بشكل شبه متواز بين الذكور والاناث (1895069 ذكور، و1965870 اناث)، ما يعني ان صوت المرأة اكثر من مرجّح، واصبح قادراً على قلب المعادلات اذا دعت الحاجة. من بين هؤلاءالناخبين، فإن النسبة الاكبر تقع ضمن فئة الاعمار التي تتراوح بين 30 و40 عاماً (389428 ناخباً وعدد مماثل للناخبات مسجلين)، بينما بلغ عدد الفئة التي تتراوح بين 20 و30 سنة (337245 للذكور، و318010 للاناث) وهذا ان دلّ على شيء، فعلى الدور الكبير الذي يجب على الشباب ان يلعبه للخروج من الحلقة المفرغة التي ندور فيها منذ عقود من الزمن، وعلى هؤلاء تحديداً تقع مسؤولية التغيير الذي يطالبون به، علماً ان نسبة الكبار في السن (من عمر 70 عاماً وحتى ما فوق الـ80 هي الاقل ولا تتخطى عند الذكور الـ250 الفاً وعند الاناث الـ300 الف ناخبة). وبالتالي، اذا اجتمع روح الشباب مع احترام صوت المرأة، يمكن قلب مقاييس كثيرة وتوقعات عديدة.
رقم آخر يوحي بالتفاؤل ويتعلق بمجموع الولادات والوفيات للعام 2019، حيث بدا واضحاً ان ارقام الولادات (86584) يتخطى بشكل مريح ارقام الوفيات (26344)، وذلك على الرغم من كل المآسي التي تشهدها الطرق من حوادث سير والاشكالات التي تسجّل بين الحين والآخر وتؤدي الى حصول وفيات. وهذا بذاته يعطي بارقة امل بمستقبل افل من النواحي الاجتماعية والصحية، اذا احسن المسؤولون ادارة شؤون البلد، واذا بقي اللبنانيون على اصرارهم على عيش حياة كريمة وضمن المعايير التي وضعوها.
هذ عيّنة بسيطة مما تقدمه لنا هذه الاحصاءات الصادرة عن المديرية العامة للاحوال الشخصية، وعلى امل ان تبقى وتيرة العمل على حالها، لتحسين ظروف المديرية وهو ما سينعكس ايجاباً بكل تأكيد على المواطنين لجهة تسهيل عملهم وتلبية طلباتهم بالسرعة والشفافية المطلوبتين.