أشار المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أنه "بتعاليمنا الربانية شهر رمضان ليس شهر الامتناع عن الأكل والشرب فحسب، بل هو شهر إعادة تعريف النفس وتربيتها على حقيقة دورها ووظيفتها، هو شهر الوقوف مع المظلوم، والانتصار له، والخصومة مع الظالم"، لافتا الى أن "العبادة ليست مجرد عبادة قلب دون شروط لله في طريقة التفكير والمعيشة والعلاقة، هي أعم من ذلك، وإلا من يعاند ويؤمن ببعض ويكفر ببعض سيخسر حظّه يوم القيامة".
وأوضح في خطبة الجمعة الى أنه "في ما يتعلق بإنساننا ووطننا ومصالح أمتنا وشعوبنا، وهذا يفترض انتصارنا للمظلوم ووقوفنا بجنب المحروم وتأكيد العدل وخوض معاركه الأخلاقية والسياسية والميدانية والمالية، لمنع الفساد من بيئتنا، ولإيقاف مشاريع السلطة الناهبة"، متوجها الى السياسيين بالقول: "أن الهيكل يتهاوى والدولة إلى سقوط وما أنتم عليه لا يبشّر اللبنانيين بالخير، ودلالة واضحة على أن المركب يغرق، وقد تصبح النجاة شبه مستحيلة، إذا ما استمرت سياسة المحميات الطائفية والحسابات النفعية. كما أكدّنا دائماً على أن الفساد لا يبني وطناً ولا يقيم دولة ولا يسلم من تداعياته أحد، وها نحن في المستنقع، الانهيار عام وشامل، وفي كل القطاعات وعلى كل اللبنانيين الذين أصيبوا إصابات قاتلة في أعمالهم وفي مصالحهم وفي جنى أعمارهم".
وطالب المفتي قبلان "الحكومة بالضرب بيد من حديد، وبالأخص أوكار الصرافين ومن لفّ لفّهم الغارقين بالإفساد المالي، كما نطالب الحكومة بإنقاذ الأسواق وصغار التجار والكسبة، وحمايتهم من الوحوش المتعطشة للسلب والاحتكار والنهب، فالبلد يعيش وسط حرائق مالية اقتصادية معيشية كثير منها مفتعل، ومن قوى سياسية ومالية معروفة، والاعتقاد بأن صندوق النقد الدولي سيعمل على إنقاذ البلد بوصفة سخرية هو وهم، وعليه يجب أن نواكب الحلّ ونؤسس له من الداخل خاصة، وإلا ستخيب الآمال مجدداً. فضلاً عن طاعون الكورونا الذي يكاد يتحوّل إلى وباء حقيقي بسبب قلّة ضمير من خالف العزل المنزلي، فضلاً عن الاستهتار الحكومي بموضوع العزل الجبري للوافدين، وتحت عينها وحراستها".
وشدد على "أننا الآن وسط أزمات تاريخية مفصلية في هذا البلد، وعلى الجميع التعامل معها كخطر وجودي، لأن بعض المخاطر التي لم يسبق لها مثيل تطال لبنان في صميم مشروعه وهويته وطبيعة حكمه وانتمائه وخريطة سياسته. الواجب يحتّم علينا جميعاً أن نتعامل مع الوطن كأمّ الصبي، وليس كتجار ومافيا فرص أرباح ولعبة قطع مفتوحة على مقامرة الأقنعة وتجار الأوطان".