أكد رئيس الجامعة الأنطونية الأب ميشال جلخ، ولمناسبة عيد سيدة الزروع شفيعة الجامعة، أنّ احتفالنا في عيد الجامعة هذه السنة مختلف واستثنائيّ على أكثر من صعيد، لا سيما ان اللقاء يجري عبر الإنترنت، بسبب وباء كورونا.
الأب جلخ خلال كلمة ألقاها عبر وسائل التواصل الإجتماعي تحدث عن التغيير في طريقة أداء الجامعة الأنطونية لمعظم أعمالها، وفي مقدّمها التعليم. قائلا: لقد انتقلنا بشكل سريعٍ وقسريّ إلى التعليم عن بعد، لافتا الى ان "كلّ الصعوبات والتحفُّظات والمخاوف التي أخَّرت إدخال التعليم العالي في لبنان جدّيّا عالم التعليم عن بعد، سقطَت أمام ضرورة استمرار التعليم في ظلّ الوَباء"، واذ رأى أنَّ "هذه التجربةَ تحتاج الى مزيد من التفكير والتقييم والتحسين، أضاف "لكنَّها سرَّعَت تطوّرا أساسيّا وحتميّا، جعلتنا امام عتبة حقبة جديدة في التعليم العالي، لا تخلو من تحدّيات ومخاطر في ظلّ الحالة الجامعيّة في لبنان".
وفي السياق عينه أعرب الأب جلخ عن أنّ "الفرح بالعيد أصعب بكثير هذه السنة، في ظل الأزمة الإقتصادية الحادة التي يعيشها مجتمعنا، والتي أتت في سياق أزمة عالميّة ستترتَّب عليها تغيّرات عميقة وطويلة الأمد في حياة البشر"، مضيفا:" كلّنا قلقون، كلُّنا متخوّفون، ومن الصعب تجاهل هذا الوضع، والاحتفال بالعيد كأنّ شيئا لم يكن".
وتطرق الاب جلخ الى إجراءات موجعة اتخذتها الدول والمؤسّسات، وعن فترة صعبة يعيشها اللبنانيون قوامها خسارة وظائف بالجملة، وتدهور القدرة الشرائيَّة، وذوبان الودائع والمدّخرات، وإقفال مؤسسَّات، وفقدان ضمانات، مشيرا إلى انّ "معظم هذه الضغوط والمشكلات تتخطّى قدرة أيّ مؤسَّسة على الصمود، مهما كانت مواردها ومدَّخراتها"، معتبرا أن "المواجهة ليست مسألة موارد مادّيّة وحسب؛ فخلال الأزمات الكبرى، لا تصمد إلّا المجتمعات والمؤسّسات التي تتمتّع بدرجات عالية من التضامن الداخليّ، داعيا الى أن يَمسك بعضنا بأيدي بعض، ونساعد الأكثر ضعفا بيننا، لنعبر العاصفة معا"، مؤكدا بأنّ "الجامعة الأنطونية، وكأيّ مؤسسة أو عائلة، أمام تحدّ للحفاظ على مواردها الآخذة في التقلُّص، لا لتحتفظ بها أو تُفرّط فيها، بل لتؤمّن توزيعَها العادل والمستدام على أعضائها كافة، وعلى الجوهريّ من أعمالها".
وفي المقابل دعا رئيس الجامعة الحكومة الى أن تتحلّى بالحنكة والدراية لتحويل التحدّيات إلى فرص، لأن الأزمة فرصة لبناء اقتصاد مرتكز على الابتكار والتكنولوجيا والشفافيَّة، ولتشجيع الإنتاج المحلي، وهي بالتالي فُرصة ايضا للانتقال بإدارتنا إلى الزمن الرقميّ، الكفيل بإنهاء كثير من مظاهر الرَشوة والفساد واللاإنتاجيَّة الإداريَّة، وفرصة للانتقال بالعمل إلى مفهوم جديد، يُشجّع العمل من البيت، ويُقيّم النتائجلا ساعات الدوام والأوقات الضائعة في زَحمة السير، مضيفا: "فيما العالم مُقبل على مرحلة كساد، أو تباطؤ في النموّ في أفضل تقدير، لن نستطيع الاتّكال، كما في كلّ أزمة، على المساعدات والهبات، بل سنضطرّ للاتّكال على أنفسنا، لنخلُق فُرص عمل حقيقيَّة ومنتجة، واقتصادا مستداما".
الى ذلك عايد الأب جلخ عائلة الجامعة الأنطونيَّة، من الطلاب الى الأساتذة والموظفين والأهالي، وامناء الجامعة. وختم بالتوجه الى كل فرد من افراد الجامعة الأنطونية بالقول: " ليس المهمّ أن تُراكم المؤسَّسة السنوات، ولا أن تبقى قادرة على الحياة وحسب، المهمّ أن تَبنيَ نموذجا جديرا بالحياة"، مؤكدا إن "الجامعة تجهد اليوم لكي تكون جديرة بالاستمرار، ولتعبر الأزمةَ من دون أن تخسر شيئا من القيم الأساسيَّة التي تقوم عليها رسالتُها"، مضيفا: " كي نكون جديرين بالاستمرار، علينا أن نتفادى التضحية بما له قيمة من أجل ما له سعر وحسب، فالأسعار ترتفع فجأة، كما هو حال كلّ السلع اليوم، أو تنهار فجأة كما حدث للرواتب بالعملة الوطنيَّة أما ما هو قيمة، فقيمته منه وفيه"، مشددا على أن "خسائرنا كبيرة اليوم، وسوف نخسر ربّما بعد، ولكنّ الرأسمال الأساسيّ الذي لن نقبل أن نخسره هو إنسانيتنا"، لافتا الى أننا "خرجنا من الأزمة الحاليَّة أكثر إنسانيَّة وأخوَّة، فكلّ الخسائر الأخرى تغدو هباء".