"…تقرر وضع خطة شاملة لاستحداث مراكز مراقبة عسكرية وامنية وجمركية، وابقى المجلس على مقرراته سرية تنفيذا للقانون". صحيح أنها الجملة الأخيرة التي ختم بها المجلس الأعلى للدفاع بيان إجتماعه الأخير الذي عقد في القصر الجمهوري لمكافحة التهريب وضبط الحدود والمعابر غير الشرعية، وان الشق الثاني منها كلاسيكي ويتكرر في ختام كل بيان للمجلس المذكور، غير أن الشق الأول من هذه الجملة وتحديداً ما كتب عن "إستحداث مراكز مراقبة عسكرية وأمنية وجمركية"، كان أكثر من مهم بالنسبة الى الناجحين في دورة خفراء الجمارك التي أجريت عام ٢٠١٤ وصدرت نتائجها ورقياً في العام ٢٠١٩ لكنها فعلياً، وكأنها لم تصدر. هنا نتحدث عن ٨٥٣ شاباً لبنانياً من حملة الشهادات، إستعادوا الأمل بتعيينهم في الوظيفة العامة التي آمنوا بها منذ ٦ سنوات لتأمين مستقبلهم، مقابل أفرقاء سياسيين يتناحرون ولا يؤمنون إلا بخلافاتهم ونكدهم ولو على حساب الوطن وشبابه.
ما قرره المجلس الأعلى للدفاع، يعتبره الناجحون في دورة خفراء الجمارك بمثابة الخرطوشة الأخيرة التي قد تصيب عصفور تعيينهم، وذلك بعدما كانوا قد فقدوا الأمل من الوعود الرسمية والسياسية، وجعلهم فيروس كورونا وتعبئته العامة عاجزين عن إيصال صوتهم عبر الشارع.
"تخيّلوا مثلا أن قانون تنظيم الجمارك يعطي الجهاز في مادته الأولى صلاحية مراقبة الحدود البرية والبحرية والجوية، والحؤول دون إدخال البضائع وإخراجها بصورة مخالفة للقانون، بينما لا يتخطى عدد العناصر الذين يكافحون التهريب في المديرية الـ٢٥٠ عنصراً فقط"! يقول مصدر بارز متابع للملف، وتخيلوا أيضاً أن هناك دولة كلبنان تريد أن تكافح التهريب، ولا تضع حداً للخلاف القائم على الصلاحيات بين المجلس الأعلى للجمارك برئاسة العميد أسعد الطفيلي والمدير العام للجمارك بدري ضاهر، والذي يعيق تعيين الناجيحن في وظيفتهم.
كل ما يطلبه الناجحون، قرار للبت بتعيينهم من قبل هيئة المجلس الأعلى للجمارك عملاً بالمادة ١٦ من قانون تنظيم الضابطة الجمركية تمهيداً لتطويع المقبولين منهم. المدير العام يقول إنه أصدر النتائج بحسب القانون ونشرها على صفحة المديرية، وأرسل بحسب الأصول كل ما يجب إرساله من مستندات الى المجلس الأعلى ووزارة المال، ورئيس المجلس الأعلى يعتبر أنه ومن دون حصوله من المديرية على تقرير اللجنة الفاحصة، لا يمكنه أن يصدق النتيجة قانوناً.
عند هذه النقطة الخلافية بين المجلس الأعلى والمديرية، علق الناجحون منذ عهد حكومة سعد الحريري. وعند هذه النقطة الخلافية، لا يزالون على رغم مرور أشهر على تولي حكومة حسان دياب زمام الأمور، وهذا أمر معيب بحق حكومة دياب التي يعوّل عليها الكثيرون.
بين بعبدا وعين التينة والسراي يتنقلون، والى مكاتب المديرية العامة والمجلس الأعلى يترددون، ومن دون نتيجة. الوعد الأخير الذي حصلوا عليه كان من مرجع رسمي كبير، ومنذ أيام قليلة، يقول إن مطلع الأسبوع المقبل سيكون حاسماً بالنسبة الى قضيتهم، إما سلباً وإما إيجاباً، وعالوعد يا كمّون.