كان لافتاً، ترويج بعض وسائل الإعلام، "أخبار" عن خلافات سورية - روسية، وإيرانية - روسية أيضاً، تلا ذلك مباشرةً، إثارة موضوع المعابر غير الشرعية بين لبنان وسورية، في وقتٍ بدأت فيه الحكومة اللبنانية، أولى جولات التفاوض مع صندوق النقد الدولي، في خطوة تأمل منها الحصول على دعم مالي ملحّ للخروج من دوامة انهيار اقتصادي متسارع. والمفارقة أن كل ذلك، جاء قبل أيامٍ من تطبيق الولايات المتحدة الأميركية "قانون سيزر"، الذي ينص على فرض عقوبات على كل من يتعامل مع الحكومة السورية أو يوفّر لها التمويل، بما في ذلك أجهزة الأمن، والمصرف المركزي السوري، من أجل ممارسة المزيد من الضغوط على الشعب السوري، في محاولة لتأليبه على دولته، لإضعافها، ودفعها الى تقديم تنازلات في أي تسوية، قد تعقد لإنهاء الأزمة في سورية والمنطقة، أو أبعد من ذلك، فقد يكون الهدف الأميركي، هو إسقاط هذه الدولة برمتها، بعد نجاح الجيش العربي السوري وحلفائه، في إستعادة غالبية أراضي البلاد من المجموعات الإرهابية المسلحة.
هنا تبدي مصادر لبنانية متابعة لمجريات الأوضاع تخوفها من العودة الى إستخدام لبنان، منصةً "لتصفية الحسابات الأميركية مع الحكم السوري"، ولكن هذه المرة، ليس من خلال تهريب السلاح والمسلحين الى سورية، وتقديم مختلف أشكال الدعم المالي واللوجستي لهم، عبر الأراضي اللبناني، كما حدث في الأعوام الفائتة، بل أخطر من ذلك، وهو إستغلال واشنطن لتدهور الوضع الإقتصادي اللبناني، كذلك بدء لبنان التفاوض مع "صندوق النقد"، من أجل فرض إملاءات على الدولة اللبنانية، تخدم في إبعادها الحرب الأميركية على محور المقاومة وسورية. وتسأل المصادر: ما هو سر هذه المصادفة، أن يأتي طرح موضوع المعابر غير الشرعية، بالتزامن مع إقتراب تطبيق "سيزر"؟
وفي السياق عينه، تعتبر مصادر سياسية سورية، أن إثارة موضوع المعابر المذكورة، يستهدف في إبعاده الحقيقية، سلاح المقاومة في لبنان، مشيرةً الى أن الهدف الحقيقي من إغلاق هذه المعابر، هو قطع خطوط الأمداد اللوجستي للمقاومة. وتؤكد أن وقف التهريب، بين لبنان وسورية، يعود بالمنفعة للبلدين، ويؤدي الى خفض بعض أسعار السلع الغذائية في سورية. وتجزم المصادر أن المستفيدين من عمليات التهريب، هم بعض الفاسدين والمهربين في البلدين. وتسأل هل بإمكان لبنان في هذه الظروف الاقتصادية والمالية الصعبة، أن يسد عجز السلع الاستهلاكية في السوق السورية؟ وتلفت المصادر الى أن روسيا، تقوم بتغطية النقص في السوق السورية، كالمحروقات والطحين والأرز، وأحياناً بعض الزيوت النباتية.
أما في شأن الحديث عن خلافات داخل الحلف الإستراتيجي لمحور المقاومة مع روسيا، فتجزم المصادر أن كل هذه الضجة الإعلامية حول هذا الموضوع، تأتي في سياق تمهيدي، لبدء تطبيق "سيزر"، وهي مجرد "بروباغاندا" تمهيدية له، الذي يطاول الشركات والأشخاص التي تقيم علاقات تجارية وغير تجارية مع سورية، وذلك لترهيب كل من يحاول الإلتفاق على الحصار الأميركي على سورية المستمر منذ نحو تسعة أعوام. وتعتبر أن الكلام عن خلافات روسية – سورية، لا يرتقي الى مستوى الجدية، سائلةً هل يعقل أن يقع خلاف روسي مع رأس الدولة السورية، في وجود وحدات عسكرية روسية على الأراضي السورية، تقوم بالتنسيق الكامل مع الجيش السوري في مختلف عملياتها ؟
في المقابل، يجزم مرجع إسلامي قريب من المقاومة في لبنان، أنها متنبه للضغوط المذكورة آنفا، خصوصاً مسألتي الضغط على لبنان من خلال صندوق النقد الدولي، وإغلاق المعابر، كذلك إمكان إستقدام مسلحين تكفيريين الى لبنان، بحسب ما ورد في بعض الإعلام، لافتاً الى الأمين العام للمقاومة، كان واضحاً في إطلالته الأخيرة، عند مقاربته لهذين الشأنين، فهو أبدى عدم ممانعة فريقه السياسي، لمسألة التفاوض مع صندق النقد، شرط إلا يكون ذلك، على حساب سيادة لبنان وحرية قراره. كذلك دعا "الأمين العام" الى تفعيل العلاقات اللبنانية – السورية، لقطع الطريق على محاولةٍ لعزل لبنان عن سورية، ودائما براي المرجع.
وعن إمكان تحريك الخلايا الإرهابية النائمة في لبنان، يؤكد المرجع لا إمكانية متاحة لذلك في الظروف الراهنة، في غياب حواضن إقليمية وداخلية لذلك، كذلك فأن الجيش اللبناني ممسك بالوضع الأمني، برأي المرجع. ولكن في الوقت عينه، لا ينكر ووجود مواطنين يحملون الفكر التكفيري في مناطق لبنانية عديدة، ولكن أضحوا اليوم على شكل ذئابٍ منفردةٍ، يختم المرجع.
في المحصلة، بناء على ما ورد آنفاً، فان التطورات توحي بأن لبنان والمنطقة بأسرها، هي مرحلة إنتظار، كل من الأفرقاء المعنيين في الصراع فيها يحتفظ بأوراق قوته لغاية ولوج تسوية الأوضاع فيها، أو حتى الذهاب نحو المزيد من التصعيد، أي الحرب، التي لن تكون على غرار عدوان تموز 2006 هذه المرة، بل سيخوضها محور المقاومة مجتمعاً، والدليل الى ذلك، عندما هب هذا المحور بكل مكوناته للدفاع عن سورية، وهذا خير مثال.