فجأة ومن دون أي تفسير منطقي في دولة مفلسة، غاب ملف "الفيول المغشوش" عن عناوين النشرات الإخبارية، ولم يعد يتخذ حيزاً كبيراً من مواقف السياسيين كما كان عليه الوضع في الأسابيع القليلة الماضية، كل ذلك من دون أن يصل الى خواتيمه، ومن دون أن يتم توقيف مسؤول كبير برتبة وظيفية تفوق رتبة المديرة العامة للنفط أورور الفغالي التي لا تزال موقوفة. فهل بدأنا نشهد مرحلة لفلفة الموضوع على الطريقة اللبنانية؟ وهل هناك في الكواليس من يحاول أن يترك المدعي العام الإستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون في منتصف الطريق الطويل وأن يجعل منها كبش محرقة؟.
من يتابع الملف لحظة بلحظة بتحقيقاته وإداعاءاته وإعترافاته ومذكرات التوقيف التي صدرت فيه، يشعر بأمر مريب يحصل، وكأن الهدف من هذا الملف الذي فتح بإخبار قدمه المحامي "العوني" وديع عقل، هو الإكتفاء بما وصلت اليها الأمور، أي بمذكرات التوقيف الغيابية والوجاهية التي صدرت بحق موظفين وممثلي شركات موقوفين وفارين، وبإخلاء سبيل من أوقف!.
ما يؤكد هذا الأمر المريب يقول المتابعون لهذا الملف، هي الإدعاءات التي بدأت تصدر عن القاضية عون بحق أشخاص لهم علاقة بملف الفيول، ولكن بتهم غير مرتبطة. وفي تفسير أوضح، فقد ادعت القاضية عون بالأمس على مدير عام المنشآت النفطية سركيس حليس وخمسة موظفين بجرم تزوير مستندات عبر التوقيع على سجلات حضورهم الى العمل، فيما تبين من خلال حركة دخولهم وخروجهم انهم لم يحضروا. وسبق أن إدعت على حليس منذ أيام، بجرم الإخلال بالواجب الوظيفي بعدما إكتشفت أن إبن شقيق النائب إسطفان الدويهي، موظف في مكتب المنشآت النفطية المركزي في الحازمية برتبة رئيس دائرة ويتقاضى راتباً يتخطى الـ١٢مليون ليرة، بينما هو يقيم خارج لبنان.
المتابعون للملف، يستشهدون أيضاً بالحادثة التالية لإثبات ما يصفونه بالأمر المريب الهادف الى لفلفة الملف على الطريقة اللبنانية. فمنذ أيام، وافقت الهيئة الإتهامية في جبل لبنان على طلب إخلاء سبيل مدير عام النفط أورور الفغالي، وقبل الموافقة بساعات قليلة، قررت القاضية عون الإبقاء على توقيفها بعدما إدعت عليها بجناية التزوير، وعنه تقول مصادر متابعة للتحقيقات، إن " داتا الإتصالات كشفت محادثة عبر الواتساب بين الفغالي ورئيسة دائرة في مديرية النفط، تؤكد أن الأخيرة زادت لرئيسة الدائرة ساعات عمل إضافية مدفوعة بينما كانت هذه الأخيرة خارج لبنان. صحيح أنها تهمة فساد كشفتها تحقيقات عون عن الفغالي لكنها غير مرتبطة بملف الفيول المغشوش، تماماً كما هو الحال بالنسبة الى إدعاء القاضية عون الأخير على حليس وخمسة موظفين آخرين بجرم تزوير مستندات عبر التوقيع على سجلات حضور موظفين الى العمل، فيما تبين من خلال حركة دخولهم وخروجهم انهم لم يحضروا.
نعم هناك محاولة جدية تهدف الى جعل ملف الفيول المغشوش واحداً من ملفات الأرشيف التي يعاد فتحها عند الحاجة. ملفّ لو كنا في شبه دولة لأطاح برؤوس كبيرة، وهذا ما يؤكد أننا لسنا بدولة.