رمى الرئيس الفلسطيني محمود عباس كرة النار باتجاه حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بتحالف بنيامين نتنياهو وبيني غانتس وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
أعلن الرئيس "أبو مازن" عن أنّ "مُنظّمة التحرير الفلسطينية" ودولة فلسطين قد أصبحتا في حِلٍّ من جميع الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الأميركية والإسرائيلية، ومن جميع الإلتزامات المُترتّبة عليها، بما فيها الأمنية"، وذلك في ضوء نيّة حكومة الاحتلال ضم أجزاء من الضفّة الغربية وغور الأردن، بما يُشكّل جريمة حرب.
ورأى أنّ ذلك "يعني ضمَّ أجزاءٍ من أراضي دولة فلسطين لدولة الاحتلال، استناداً إلى ما يُسمّى "صفقة القرن"، التي نرفضها جُملةً وتفصيلاً، ما يعني أنّ سلطة الاحتلال تكون قد ألغت "اتفاق أوسلو" والاتفاقات الموقّعة معها كافة، بعدما تنكّرت طوال سنوات مضت لجميع هذه الاتفاقات، ولجميع قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي.
القرار الحدث الذي أعلنه الرئيس عباس، جاء خلال اجتماع القيادة الفلسطينية، وعُقِدَ مساء أمس الأول (الثلاثاء) في مقر الرئاسة بمدينة رام الله في الضفّة الغربية المُحتلّة، تتويجاً لسلسة الاجتماعات على مدى 3 أسابيع للجنة التنفيذية للمُنظّمة والمركزية لحركة "فتح" وفصائل العمل الوطني الفلسطيني ومُؤسّسات المُنظّمة.
يُوقِف قرار القيادة الفلسطينية الاتفاقات والتفاهمات بين "مُنظّمة التحرير" المُمثِّل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والكيان الإسرائيلي، السلطة القائمة بالاحتلال والولايات المُتّحدة الأميركية، راعية الاتفاقات.
وهو ترجمة عملانية للقرارات التي اتخذها المجلس الوطني الفلسطيني وتوصيات اللجنة التنفيذية للمُنظّمة التي أقرّها المجلس المركزي الفلسطيني في دورته الـ29، التي عُقِدَتْ يومي 15-16 آب/أغسطس 2018، في مقر الرئاسة في رام الله، تحت اسم "دورة الشهيدة رزان النجار... والانتقال من السلطة إلى الدولة".
تكمن أهمية هذا القرار التاريخي، بأنّه بعد إعلان نتنياهو - غانتس تشكيل حكومة ائتلافية، بذريعة الظروف في ظل جائحة "كورونا"، ومنحها ثقة "الكنيست" بـ73 صوتاً مُقابل مُعارضة 46 صوتاً، لكن في حقيقة الأمر أنّ أولى خطواتها هي ضم مُستوطنات الضفّة الغربية وغور الأردن.
لقد أتت خطوة الاحتلال بضوء أخضر من إدارة ترامب، الذي مهّد الطريق للحكومة المُتطرّفة بتجاوز كل الخطوط الحمراء.
التحذيرات من مخاطر الخطوة الآحادية للمُحتل الإسرائيلي، لم تقتصر على الجانب الفلسطيني فقط، بل أيضاً عبر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، من أنّه "إذا ضمّت إسرائيل أجزاءً من الضفة الغربية، فإنّ ذلك سيؤدي إلى صِدامٍ كبير مع الأردن الذي يدرس جميع الخيارات إذا جرى الضم".
وليس مُستبعداً أنْ يتّخذ الأردن موقفاً بشأن "مُعاهدة السلام الأردنية - الإسرائيلية" المُوقّعة في العام 1994.
كما أنّ الموقف المصري المُتضامنِ مع القضية الفلسطينية يرفض الضم الإسرائيلي للضفّة الغربية.
هذا ما ينسحب أيضاً على موقف الدول العربية الرافضة للموقف العنصري الإسرائيلي، ويلتقي أيضاً مع تحذيرات الاتحاد الأوروبي، بمُوافقة 25 دولة عضواً في من أصل 27، على حثِّ حكومة الاحتلال "التخلّي عن ضم أراضٍ فلسطينية في الضفّة الغربية المُحتلّة"، والتلويح بـ"اتخاذ عقوبات في حال تنفيذ خطط الضم".
وأيضاً تحذيرات الأمم المُتّحدة للكيان الإسرائيلي "من المُضِي قُدُماً في الضم الفعلي للضفّة الغربية الذي يُقوّض فُرص إقامة دولة فلسطينية على أساس قرارات الأمم المُتّحدة ذات الصلة، كجزءٍ من حل الدولتين".
كذلك مع الخلافات في سباق الانتخابات الرئاسية الأميركية، الذي عبّر عنه نائب الرئيس الأميركي السابق المُرشّح "الديمقراطي" جون بايدن من "خطورة التلويح بإجراء الضم ووقف بناء المُستوطنات، لأنّ ذلك يقضي على فُرَص السلام".
حتى أجهزة المُخابرات الإسرائيلية حذّرت نتنياهو من مُخاطر مثل هذه الخطوة الآحادية.
وأعلن رئيس المُعارضة و"حزب يش عتيد" يائير لابيد عن أنّه سيصوّت "ضد تطبيق السيادة الإسرائيلية على الضفّة الغربية وغور الأردن، وأيضاً من المُستوطنات، لأنّ هذا الاتفاق آحادي الجانب وليس جزءاً من اتفاق سياسي".
الردُّ العملاني الفلسطيني، كان بتوقيع الرئيس عباس على طلبات الانضمام إلى مُؤسّسات ومُنظّمات وهيئات دولية جديدة، لم تكن فلسطين قد انتسبت إليها في ضوء الإلتزام مع إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، مُقابل عدم استخدام الإدارة الأميركية حق النقض "الفيتو" عند إقرار مجلس الأمن الدولي إدانة الاستيطان الإسرائيلي بالقرار رقم 2334، الصادر بتاريخ 23 كانون الأول/ديسمبر 2016.
في ليلة القدر التي كان يُحييها العالم دعاءً وابتهالاً على أمل إحيائها في المسجد الأقصى المُبارك مُحرّراً، كان الاحتلال يُمعِن بتنفيذ تهويد الأراضي الفلسطينية المُحتلة بدمغة أميركية.