أفاد التحالف المدني البيئي بكل مكوناته وخاصة إئتلاف إدارة النفايات بتخصصيته، بأنه "يود الإضاءة على أن الحكومة لا زالت تعتمد الخطط الطارئة التي ما برحت تُعتمد، منذ العام 1997، بشكل مؤقت وبأكلاف عالية، وهم لا يزالوا يطمرون النفايات بنسبة 90% دون معالجة وبعيداً عن كل ما حصل من تطور علمي في هذا المجال، كما ذكروه في خطتهم"، لافتًا إلى أنه "هكذا قررت الحكومة توسعة مطمر جديدة البحري دون وجود أية دراسة تقييم أثر بيئي أو تقييم أثره، بعد إنشائه، وهذا لم يحصل في أي من المطامر البحرية الأخرى التي تنبعث منها الروائح ويعاني منها سكان الجوار إضافة إلى تلوث البحر بسببها. لذلك، يُطالب التحالف، قبل كل شيء، بتقييم الخطط الطارئة التي نُفذت، قبل المضي بخطط جديدة مشابهة، ومساءلة ومحاسبة القيمين على هذا الملف في كل من القطاعين العام والخاص".
أما بالنسبة لتطبيق اللامركزية الإدارية، لفت التحالف إلى أن "نجاح تطبيق اللامركزية بشكلها السليم يتطلب وجود دولة مركزية قوية تعرف ماذا تريد، وبيدها استراتيجية مركزية واضحة ومدروسة مبنية على مبادئ الاقتصاد الدائري. ففي بلد صغير مثل لبنان يبلغ عدد البلديات رقماً قياسياً بالمقارنة مع البلدان الأخرى (1108 بلديات في لبنان لخدمة خمسة ملايين نسمة في حين تقوم بالمهمة ذاتها مئة بلدية في الأردن لخدمة 9.7 مليون نسمة)"، موضحًا أن "هذا الواقع غير سليم، بل يستنزف الموارد ويهدر المال فقط لتحقيق محاصصات سياسية. إن الشراكة مع القطاع الخاص، يتطلب اعتماد تدابير حكومية تساعد البلديات على تطبيق قانون هذا النوع من الشراكة بين القطاعين العام والخاص بعد بروز عوائق عدة في التجارب السابقة، بسبب الشروط والقيود والقدرات المحدودة للبلديات بسبب عدم حصولها على أموالها المستحقة لدى الصندوق البلدي المستقل وتراكم الديون عليها للتسديد للشركة المعتمدة مركزياً واقتطاع نسبة تصل إلى 40% من عائدات بلديات بيروت وجبل لبنان، لإدارة نفاياتها الصلبة، وهي ليست إدارة بل جمع وطمر".
ونوّه التحالف بأنه "لكي تدير البلديات ملف إدارة النفايات كما يجب، هناك العديد من المقومات التي يجب أن تتوفر لها، منها تحديد حجم الوحدة اللامركزية لتأمين جدوى اقتصادية للمشاريع والحاجة للمساحات والأراضي لإدارة النفايات، وتأمين التمويل اللازم وتطبيق اللامركزية على المستوى المالي، وهذا يحصل عبر تحرير البلديات التي أرهقهتها ديون ملف النفايات، وإعطاء البلديات كل مستحقاتها، بالإضافة إلى توفير دعم سياسي قوي ومستدام، مرتكز على الاستراتيجية المركزية، ورفض كل استنساب أو حلول جزئية. · تأمين محفزات اقتصادية للبلديات التي تتعاون بين بعضها لإدارة النفايات". كما تطرق إلى "تطبيق مبدأ التشاركية وتوضيح آليات تطبيقها. بما فيها تحديد الوسائل المسموحة بيئياً للمعالجة وإلغاء فكرة الحرق بكل أشكاله ولو إندرج في بعض الأحيان تحت مسمى الوقود البديل، كما يبدو واضحاً في معمل غوسطا، توازيًا مع التشدد في تطبيق القوانين والمحاسبة والمساءلة، وعدم السماح بالاستهتار بحياة الناس وبيئتهم في غياب المبادئ".
كما أوضح أن "المواطن اللبناني، وخاصة في بيروت وجبل لبنان، يدفع حالياً أعلى كلفة مالية وبيئية في ملف يتحول من إدارة النفايات ومعالجتها إلى التخلص منها دون معالجة، وهو يحصل على أسوأ خدمة ممكنة في هذا المجال. فبعد انتهاء العقد المركزي مع شركة سوكلين تم تلزيم عقد جديد بالطريقة ذاتها بحيث كان من المفترض كسر الاحتكار في إدارة هذا الملف في هذه المناطق وما يترتب عليها من دفع أكلاف عالية لخدمات غير متوفرة. وهكذا أصبح لدينا الآن ستة عقود جديدة للعمليات وستة للإشراف على الأعمال، دون ان تجري، للأسف، أية عمليات تقييم وإعادة الهيكلة، بل لم يتغير الأداء والنهج في ما كان يجب أن يكون: "إدارة النفايات".
وأشار التحالف إلى أنه "من هنا يجب التنبه إلى عملية إشراك القطاع الخاص في إدارة النفايات تحت ضوابط حازمة، لجهة التسعير بالعملة الوطنية والابتعاد عن الأعمال التي تدمر مفاعيل الشراكة المنضبطة والتي تتلاقى مع التشدد في وضع معايير لكل المراحل والمهمات، وتطبيقها، كما الشروط الفنية التي يجب أن تحكم الملف، كل ذلك بعد دراسة الظروف والشروط التي تحكم مشاركة القطاع الخاص وتحديد نوع وشكل الشراكة التي تؤدي إلى تحسين الوضع. فهناك توازن واجب يجب توفيره لضمان حسن تطبيق الشراكة وتكافؤ الفرص في الحقوق والواجبات بين الجميع وتوفير منافسة شفافة لتحقيق النجاح وحماية البيئة. كما يشدد التحالف على ضرورة مشاركة العامة في اتخاذ القرار عبر مشاركتهم بالتشاور خلال إعداد دراسات تقييم الأثر البيئي والإجتماعي لمختلف المشاريع المرتبطة بإدارة النفايات، وكذلك في المراقبة، وتقييم جودة الخدمة، وأيضاً في التحضير لمشاركة مؤسسات القطاع الخاص في خدمات إدارة النفايات الصلبة".
بموازاةذلك، دعا التحالف إلى "وضع إطار قانوني يسمح بإشراك القطاع غير الرسمي في جمع النفايات وغالباً ما يكون أقل كلفة من غيره من الخيارات. ومن المؤكد ان هذا النوع من العمل يؤدي إلى خدمة اجتماعية عبر توفير فرص عمل وكسب العيش للكثير من الأشخاص. كما ويساعد هذا القطاع غير الرسمي على استرداد كميات كبيرة من النفايات"، بالإضافة إلى "تنظيم حكيم لإدارة الهبات الممنوحة لهذا القطاع والاستفادة منها بأفضل السبل وصرفها بكفاءة وحسب الحاجة، واستخدام الأدوات الاقتصادية والمالية الرادعة، للتخفيف من إنتاج النفايات واسترداد أكبر نسبة ممكنة منها وتطبيق مبدأ مسؤولية المنتج والمستورد الممتدة (التسلسل) وخفض نسبة النفايات التي تذهب إلى الطمر".
وطالب بتحديد كلفة إدارة النفايات، استناداً إلى معطيات وأرقام حقيقية، وتأمين مصادر التمويل على أن تأخذ الأدوات المعتمدة بالاعتبار قدرة الناس على تحمل الإنفاق (Affordability)، استرداد الكلفة واستعداد الناس للدفع"، لافتًا إلى أنه "عند احتساب الكلفة يجب إحتساب كلفة الاستثمار والتشغيل وأكلاف الآثار البيئية الخارجية".
وفي سياق متصل، أفاد التحالف بأن "الحكومة الحالية لا زالت تنتهج النهج الذي اعتمدته سابقاتها، وتغرق في الوحول ذاتها، بلا رؤية أو استراتيجية واضحة. كما يبدو أنها لم تطلع على الملف بالشكل المناسب لتحدد فعلاً كيفية التعاطي مع هذا الملف وإدارة القطاع بما يتفق مع واقع البلد ونوعية نفاياته وقدراته المالية والتقنية والإدارية وغيرها، مع الحفاظ الكامل على الحقوق البيئية للمواطنين"، داعيًا إلى "مراجعة خارطة الطريق العشوائية لإدارة النفايات والانتقال إلى الحلول المستدامة بعيداً عن المصالح السياسية والطائفية والانتخابية".
وشدد التحالف على "إلتزام المعايير العلمية المتقدمة في هذا المجال بدءاً بتصحيح الأرقام وتقييم المرحلة السابقة وتثقيف المجتمع والإنطلاق في ورشة مسؤولة تعيد للبنان بيئة نظيفة وحركة إقتصاد دائري نموذجي يساعد في رفد الواقع الإقتصادي المتردي في جزء من النهوض المطلوب وخلق فرص عمل جديدة وحماية الشباب من الهجرة القسرية. إن مشكلة النفايات المستدامة ليست مشكلة تقنية إنما هي مشكلة سياسية ومشكلة حوكمة بالجوهر".