لا تعتبر قضية النفايات التي طرقت باب لبنان في نيسان الماضي إلا واحدة من القضايا التي تستوجب من الحكومة المعالجة السريعة لها، حتى لا يضيف هذا الملف عبئاً إضافياً على الملفات التي يواجهها لبنان من الكورونا وغيرها...
بالعودة الى سنوات مضت، أُقفل مطمر الناعمة في العام 2016 بقرار من مجلس الوزراء، يومها كانت "الذريعة" أنه لم يعد يستوعب النفايات وأنه تحمّل سنوات وسنوات نفايات كلّ المناطق، إلا أن الواقع أثبت وخصوصاً بعد التقرير الذي رفعه مجلس الإنماء والاعمار الى مجلس الوزراء وناقشته الحكومة بجلسة 5 أيار 2020 أن الإقفال، كان في حينه، "سياسي"!.
في التفاصيل، لم يعدّ ملف النفايات يحتمل التأجيل خصوصا مع التمديد لمطمر الجديدة ثلاثة أشهر إضافيّة لإيجاد حلّ لنفايات جبل لبنان، وكانت الحكومة أمام خيارين عبر طلب إجراء الدراسة لهما: توسعة مطمر الجديدة أو اعادة فتح الناعمة بعد دراسة القدرة الاستيعابية وجهوزيته ليُبنى على الشيء مقتضاه.
وفي هذا الاطار كلّف مجلس الإنماء والإعمار، وبحسب ما أكدت مصادر مطّلعة على مجريات الامور عبر "النشرة" الاستشاري "AGM Libanconsult" إعداد دراسة مفصّلة لموضوع الحماية البحرية واعمال ردم البحر، وإنشاء وتشغيل خلايا الطمر الصحي"، واضافت المصادر: "قام الإنماء والاعمار بتكليف الإستشاري Laceco الذي أشرف سابقا على تنفيذ أشغال مطمر الناعمة باعداد دراسة حول جهوزيته المطمر وقدرة استيعابه".
تكشف المصادر أن "ملخّص الخيارات التي قدّمها الإنماء والاعمار استنادا على الدراسة التي أجراها الاستشاريين ("Libanconsult AGM" و"Laceco") صادمة، وتشير الى أن الفترة اللازمة للبدء باستقبال النفايات اعتبارا من تاريخ بدء أشغال توسعة مطمر الجديدة الجزئية هي بين ثلاثة وأربعة أشهر، أما لاعادة فتح مطمر الناعمة لمدة ست سنوات فهي أسبوعين، في حين أن معدل الكلفة التقديرية لطمر الطن الواحد من النفايات في الجديدة فهو 99 $ أما في الناعمة فهو 38$".
وتشير المصادر الى أنه "ورغم هذا التقرير فإنّ مجلس الوزراء إتخذ قرار رفع مستوى مكبّ الجديدة في البحر"، متسائلة "ما الذي دفع الحكومة الى اتخاذ القرار، رُغم أنها هي من كانت طلبت من الإنماء والإعمار إعداد دراسة مقارنة بين الخيارين المطروحين"؟.
تضيف المصادر: "ألا يستحقّ الوضع الاقتصادي والمالي الدقيق الذي تمرّ به البلاد اللجوء الى خيار إعادة فتح الناعمة وحمل الكلفة الأقلّ بكثير منال طمر في البحر في هذا الظرف بكلفة خيالية تصل الى اضعاف"؟، متسائلة أيضاً "لماذا المجتمع المدني لا يكافح الى جانب الحكومة في إتخاذ الخيارات الصائبة والدفع باتّجاه اعادة فتح مطمر الناعمة والتوفير على الدولة أموالا طائلة"؟.
إذاً، وحتى بالدراسة التي أُعدّت يبقى فتح مكان الناعمة أقلّ تكلفة، ويبعد عنا شبح أزمة قُمامة من جديد لمدّة ست سنوات، فهل تعود الحكومة الى إعتماد هذا الخيار أم أنّ المناكفات السياسية ستعيق العمل السليم؟!.