رغم إيفاد رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون والحكومة الدكتور حسان دياب، المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الى دمشق الأسبوع الفائت، غير أن ذلك، لم يحدث تغييراً جوهرياً في مسار تطوير العلاقات اللبنانية – السورية، فقد إتخذت مهمة إبراهيم، طابعاً أمنياً، ولم تحمل أي جديدٍ من الناحية السياسية، بالتالي لم يكن لها أي إنعكاسٍ عملانيٍ في دفع هذه العلاقات قدماً، وفقاً لرأي مرجع لبناني قريب من دمشق.
ويعتبر المرجع أن القرار الذي إتخذته حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، الذي يفضي الى مقاطعة الجارة الأقرب، في العام 2005، لايزال ساري المفعول حتى الساعة، خلافاً لاتفاق الطائف، كذلك فأن الإمعان في "التمسك بنهج العداوة لسورية"، يشكل خرقاً لمعاهدة "التعاون والأخوة والتنسيق" الموقعة من الجانبين اللبناني والسوري في العام 1991، التي لها مفاعيل الاتفاقات الدولية، التي تسمو على القوانين الوطنية، وتأتي بعد الدستور، من حيث قوة إلزاميتها، في الهرم القانوني، بحسب تأكيد المرجع عينه. ويجزم أن هناك رغبةً لدى عددٍ كبيرٍ من المسؤولين اللبنانيين، بالانفتاح على دمشق، لكن هذه الرغبة، مصحوبة، بالخوف من ردود أفعال بعض الدول المعادية للأخيرة، في حال أقدمت الحكومة اللبنانية، على اتخاذ تدابير إيجابية في إتجاه إعادة تطوير العلاقات اللبنانية – السورية، برأي المرجع. ويؤكد أن قرار حكومة السنيورة في العام 2005، المذكور آنفاً، لن يلغى، إلا بقرار معاكس من حكومة دياب، وأما بغير ذلك، فلن يطرأ أي تغييرٍ في مسار هذه العلاقات، على الأقل في المدى المنظور.
ويكشف المرجع أنه راجع بعض المسؤولين المعنيين في بيروت في الملف اللبناني – السوري، للإطلاع منهم على العراقيل والعوائق، التي تعوق إعادة تطوير العلاقات المرتجاة، خصوصاً في الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة، التي يعانيها البلدين، فكان جوابهم بالاجماع وبصراحةٍ تامة، "إن إرتقاء التنسيق بين بيروت ودمشق، الى مستوى التشاور المباشر بين حكومتي البلدين، يثير حفيظة الولايات الأميركية، ودول الاتحاد الأوروبي، ودول الخليج، ما يزيد الطين بلة، على الصعيديّن الاقتصادي والمعيشي، اللذين يشهدهما البلد"، ودائماً بحسب المرجع.
ويعتبر أن الحكومة اللبنانية، تمارس الشيىء ونقيضه في آن معاً، مستغرباً كيف توفد السلطات اللبنانية، اللواء إبراهيم الى دمشق، لطلب المساعدة منها، من أجل تطبيق بعض الإجراءات الأمنية، كإقفال المعابر الحدودية غير الشرعية، ومكافحة التهريب، وإعادة عدد من اللبنانيين من سورية، وغيرها، من دون أن يرتقي التنسيق الى مستوىٍ حكوميٍ بين البلدين، الأمر الذي ترقضه دمشق، التي حسمت أمرها مع كل الدول، التي سعت الى التنسيق الأمني معها، بأن إعادة العلاقات الدولية مع سورية، تكون من خلال القنوات الرسمية السياسية، وليست الأمنية.
وفي السياق، يرى مرجع إسلامي قريب من قوى الثامن من آذار، أن "حكومة المساكنة الراهنة بين محوري المقاومة والولايات المتحدة في لبنان"، رغم كل الإتهامات التي تكال إليها بأنها "حكومة حزب الله" على حد تعبيره، فهي تقف على مسافة معيّنة من القضايا الخلافية بين المحورين، لذلك لن تقدم على أي خطوة تغضب الأميركيين والخليجيين، بالتالي يستبعد المرجع قيام دياب بزيارة دمشق، خصوصاً في هذه المرحلة، التي يجري فيها لبنان المفاوضات للاستدانة من صندوق النقد الدولي.
ويرجح المرجع إستمرار التنسيق على مستوى وزارات محددة بين البلدين، بحكم علاقة دمشق الجيدة مع عدد الأطراف اللبنانيين، معتبراً أن إعادة العلاقات اللبنانية الرسمية مع سورية، مرتبط بالتسوية الشاملة لأزمات المنطقة، يختم المرجع. بناء على ما تقدم، ووسط أجواء المفاوضات المذكورة، يطرح هذا السؤال: "في حال وصلت لبنان الى حائطٍ مسدود مع صندوق النقد في منتصف آب المقبل على أبعد تقدير، هل يقدم على نقلة نوعية في مسار العلاقات الدولية، خصوصاً من الناحية الاقتصادية، بالتالي يتجه نحو الشرق عبر البوابة السورية؟".