"الماكينة" الاعلامية السياسية تعمل ليلاً ونهاراً لتهشيم خطة حكومة الرئيس حسان دياب المالية والاقتصادية والهجوم عليها وعلى مفاعيلها رغم انها لم تأخذ حيز التنفيذ بعد.
وتسأل اوساط مالية رفيعة المستوى لـ"الديار" عن "علم الغيب" لبعض القوى السياسية ولا سيما المعارضة للعهد ولدياب عندما تجزم ان صندوق النقد الدولي لن يمول لبنان وانه غير مقتنع بالحكومة والاصلاحات وان لبنان لن يحصل على قرش اسود من اي جهة مقرضة او مانحة!
وتستغرب الاوساط هذا الكلام الاجوف والفارغ حتى سياسياً من المضمون، فأحترموا عقول الناس قليلاً فعلى الاقل انتظروا انتهاء المفاوضات بين الصندوق والحكومة ممثلة بالمالية وإنتظروا حتى تبدأ الحكومة بخطتها عملياً. نعم ليست الامور بسحر ساحر ولن تحل الامور بشهر وبشهرين ولكن الجزم ان الصندقو يرفض الخطة ولن يمول لبنان كلام للاذى المعنوي واحباط اللبنانيين وتأليبهم على الحكومة.
في المقابل تصوب الماكينة نفسها على مدير عام المالية آلان بيفاني بكل ما اوتيت من قوة ومن عزم ولاسباب سياسية وكيدية وشخصية وليست مبينة على اي معطيات قانونية او مالية او دستورية او حتى منطقية. وتقول ان بيفاني وخلال احدى جلسات لجنة المال التي حضرها تمنع وفق ما يملي عليه القانون عن ذكر ارقام الفجوة المالية وهو كان في مورد لا يحق له الافصاح عنها. وتؤكد الاوساط ان بيفاني يلتزم الاصول والقانون و"مش فاتح" دويلة في المالية فهناك قانون ودستور ووزير مال مسؤول عن الوزارة وعن المالية.
وعن عدم حضوره جلسة الامس، تقول ان لا معنى لحضوره في ظل وجود وزير المال ورئيس لجنة المال والموازنة والارقام التي طرحت وناقشت كان سبق له عرضها وطرحها في اجتماعات سابقة.
وتلفت الاوساط الى ان هناك تضخيماً في الارقام السيئة اذ ليس صحيحاً انعدام الجباية تماماً بل سجلت في الشهرين الاولين من عام 2020 ، 800 مليار ليرة لكل شهر اي بتراجع 20 في المئة عن الشهرين نفسهما من العام الماضي. ومن المتوقع ان تنخفض اكثر خلال آذار ونيسان وايار وحزيران بسبب تأجيل الدفع والاستحقاقات المالية والضرائب والرسوم وبسبب "كورونا".
وعن عدم تأمن الرواتب للقطاع العام تقول الاوساط ان الرواتب مؤمنة ولا خوف عليها ولا صحة للكلام عن طباعة 1500 مليار ليرة لبنانية جديدة.
كما تنفي ان الرواتب في القطاع العام خلال "كورونا" تجاوزت 1500 مليار في الشهر الواحد اي آذار ونيسان وايار وحزيران بل هي لم تتجاوز 800 مليار في الشهر الواحد.
في المقابل يبدو الارباك والغموض اللبناني واضحاً في ما خص قانون "قيصر" الاميركي مع دخوله حيز التنفيذ امس.
واعلنت رئاسة مجلس الوزراء في بيان أن "الحكومة بصدد دراسة تأثير هذا القانون على لبنان، والهوامش التي يمكن لها العمل فيها من دون حصول ارتدادات سلبية على البلد. ولم يحصل أي التزام أو نقاش أو تبني لهذا القانون في جلسة مجلس الوزراء".
في الموازاة، وفي مقاربة ذات بعد قانونيّ - علميّ خارجة عن إطار الآراء السياسية الداخلية المؤيدة منها أو المعارضة التعاون مع النظام السوري، يرى رئيس مؤسّسة "جوستيسيا" الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص أن "قانون قيصر هو من ضمن القوانين الأميركية التي تعاقب كلّ من يسهّل التمويل والتموين لأفراد أو كيانات، سواء كانت شركات أو دول خاضعة للعقوبات، ذلك أن قيام أي دولة بمساعدة دولة أخرى تحت العقوبات مسألة من شأنها أن تعرّض الدولة الأولى للعقوبات أيضاً، انطلاقا من مجموعة قوانين لا يمكن التفلّت منها بسهولة، ومن يستطيع التفلت من قانون ما سيعلَق في قانون آخر".
بعبارة أكثر وضوحاً، يجيب مرقص إن "الدعوات إلى تعاون غير محسوب النتائج مع الدولة السورية في الوقت الحالي يعرّض لبنان لمزيد من العقوبات الموسّعة، في وقت تطال مجموعة عقوبات أصلاً أسماء شركات وأفراد لبنانيين لأسباب متعلّقة بالتعامل مع حزب الله". ويوضح أنه "لا يمكن التوقّع المسبق لأسماء الذين يدرجون على لوائح العقوبات، ذلك أن توقّعات من هذا النوع تعتبر غير دقيقة ولا يمكن أحد أن يعرف أو يحتكم الى التنبّؤ في هذا الموضوع. وقد أثبتت التجارب السابقة هذه المعادلة، حتّى أن المحامين الذين يتعاملون مع مكتب مراقبة الأصول والموجودات الأجنبية (الأوفاك) في الولايات المتحدة الأميركية، لا يستطيعون تسطير إجابة مسبقة عن هذا السؤال. ويمكن معرفة أسماء المدرجين على لوائح العقوبات في أحسن الاحتمالات، اذا ما اطُّلع عليها قبل ساعات قليلة من إعلان الخزانة الأميركية عنها".
ويشرح مرقص مقاربته في هذا الشأن، مشيراً إلى أن "العقوبات على حزب الله انعكست على نحو غير مباشر، ولكن على نحو فادح على لبنان، في ظل تقلّص المساعدات الدولية إلا باستثناءات قليلة، إضافة إلى محاذرة الأسواق المالية العالمية ولا سيما المصارف الدولية المراسلة التعامل مع القطاع المالي والمصرفي في لبنان، حتى أنه بات من الصعب فتح الاعتمادات مع هذه المصارف وباتت بعض المصارف العالمية تطالب مصارف محلية لبنانية باقفال الاعتمادات وإلغاء الكفالات المعطاة لها خارجياً ما انعكس على بيئة الأعمال في لبنان بشكل سلبي".