تتسارع الأحداث في العالم بسبب أزمة "كورونا"، ولكن في الولايات المتحدة الأميركية سيكون العام الحالي مثيرا للغاية، فبعد أن دخل الفايروس لاعبا رئيسيا في الانتخابات الرئاسية التي يُفترض أن تحصل نهاية العام، جاء مقتل جورج فلويد، الذي أشعل تظاهرات عبر الولايات المتحدة تخلّلتها أعمال شغب في مينيابوليس بولاية مينيسوتا، ليكون اللاعب الثاني البارز في المعركة الرئاسيّة.
قبل أزمة "الكورونا"، كانت حظوظ فوز الرئيس دونالد ترامب بالانتخابات الاميركية المقبلة كبيرة جدا، ولم يكن منافسه جو بايدن ليتمكّن من الصمود بوجهه، ولكن خلال أزمة تفشّي الوباء بدأت الاحوال تتبدل، ليكون الحدث العنفي العنصري الحالي في الولايات المتحدة الاميركية قاسيا جدا على ترامب.
وفي هذا السياق يشير الخبير في الشؤون الأميركية كامل وزنة الى أن الازمة الأساسية التي كانت تواجه الأميركي وتؤثر على مجرى انتخاباته الرئاسيّة هي "كورونا" وتداعياتها والتكلفة التي تصل الى الاف مليارات الدولارات، الى جانب ملفّ البطالة الذي سيكون له تأثيرات كبيرة، حيث وصل عدد العاطلين عن العمل في اميركا الى 40 مليون. ويضيف في حديث لـ"النشرة": "المديونية الأميركية وصلت الى ما يزيد عن 27 تريليون دولار، مع طبع 3.8 تريليون لتوزيعها"، مشيرا الى أنّ كل هذه المعطيات ستؤثّر في مصير الانتخابات.
لم يعد يخفى على أحد الإنقسام الحاد داخل الشارع الاميركي بين الديمقراطيين والجمهوريين، ولكن ما يجري اليوم بعد حادثة مقتل فلويد، سيغير الكثير من قواعد اللعبة الانتخابية، فهناك بحسب وزنة فئة من الأميركيين تشكل حوالي 17 بالمئة من الشعب، وهي الفئة التي تضم الاميركيين السود، أصبحت قابلة للاستهداف لتكون كتلة انتخابية وازنة جدا، وقد تخرج الى التصويت، وهذا ما لم تفعله بالإنتخابات الماضية.
لا شكّ أن الاميركيين الأفارقة والذين هم من أصل آسيوي، سيكونوا بحال توحّدهم مع الحزب الديمقراطي بوجه ترامب، حجر الزاوية لهزيمة الجمهوريين، مع العلم أن المعركة الرئاسية قبل الكورونا كانت لصالح ترامب. المرحلة الحاليّة التي تمرّ بها الولايات المتّحدة الاميركية خطرة جدا، وربما تكون برأي بعض المؤرخين الاميركيين شبيهة بمرحلة ما قبل الحرب الأهليّة في العام 1860.
ويرى وزنة أن الفوضى الحاصلة في أميركا سترفع منسوب الغضب والقلق والتوتر على مستوى الولايات، وتدفع الى الاستعانة بقرار كتب عام 1807 ويسمح للرئيس الاميركي ان يستخدم الجيش على الاراضي الاميركية، وهذا ربما ما لن تقبله ولايات عديدة يسيطر عليها الحزب الديمقراطي وبالاخص نيويورك، لويزيانا وميشيغان، لأنه يهدد مشهد الديمقراطية الاميركية، ويجعلها مشابهة لمشاهد في دول ديكتاتورية كانت اميركا تضعها على لائحة العقوبات، مشددا على أن الرئيس الأميركي بدل أن يدعو للتهدئة والتعقّل، دعا في أغلب الأحيان الى المزيد من الشدّة والاعتقالات واستعمال القوة في قمع التظاهرات وهذا يتعارض ومفهوم الديمقراطية التي تتغنى بها أميركا.
بحسب المراقبين، فإن ترامب يخسر من شعبيّته يوما بعد آخر، ولعل المثل القائل بأن "مصائب قوم عند قوم فوائد"، سيفيد جو بايدن، لأن كل المصائب التي تجتاح الولايات المتحدة الأميركية حاليا ترفع من أسهمه الرئاسية، ولكن هذا لا يعني أن الشعب الأميركي يملك نظرة مستقبلية إيجابية حول بايدن، اذ أنّه بحسب استطلاعات رأي أجريت في نهاية أيار الماضي كان بأغلبه متشائما، بالنظرة الى ترامب، وبايدن.