رفضت الهيئات الاقتصادية اللبنانية "مشروع قانون المنافسة المعدل 2019 الذي نشره وزير الاقتصاد والتجارة على موقع الوزارة الالكتروني لتلقي الملاحظات عليه، مؤكدة أنه "بعد اجراء قراءة مستفيضة لهذا القانون، تؤكد الهيئات رفضها المطلق له لما يتضمن من بنود تتناقض مع مبادئ الاقتصاد الحر وجوهر المنافسة والتنافسية"، معلنةً انها "كلفت مكتب المحاماة "عالم وشركاه" للمحامي محمد عالم لوضع الملاحظات على مشروع القانون، مشيرة الى ان المكتب المذكور انجز ورقة الملاحظات".
وأعادت الهيئات في بيان بعد اجتماعها برئاسة الوزير السابق محمد شقير، الأسباب أنه "في منهجية المشروع، لم يتبين لنا وجود أي دراسة علمية مرفقة بالمشروع حول الآثار الاقتصادية والاجتماعية له سوى مجرد إعلانه أنه سيضمن "انخفاض الأسعار وتحقيق الرفاه للمستهلكين" فجاء خارج السياق القانوني-الاقتصادي المرافق والضامن له"، بالإضافة إلى "خلو المشروع من الأسباب الموجبة له مما استحال علينا فهم منطوقه وغايات صياغة مواده بحالتها الراهنة والفلسفة"، مشيرا إلى أنه "من المرجح أن مشروع القانون قد اعتمد التجربة الفرنسية كمعيار له مع إدخاله تعديلات عليها أفرغتها من مضمونها وفعاليتها"، بالإضافة إلى "عدم وضوح آلية التشاور حول المشروع والاكتفاء بتأمين عنوان بريد الكتروني ترسل اليه الملاحظات مما يتعارض مع أبسط قواعد إعداد القوانين التي يجب أن تكون انعكاسا للسياسات العامة".
وأوضحت الهيئات في بيانها أنه "في عدم الدستورية والثغرات القانونية، أوكل المشروع لهيئة ناظمة أمر تنظيم الاقتصاد التنافسي والاحتكارات والهيمنة والتركيز الاقتصادي ومعاقبة الممارسات والاتفاقات المخلة بالمنافسة وغيرها من الأمور. ومن المتعارف عليه قانونا أن هذا النوع من الهيئات يعرف بالسلطات الإدارية المستقلة والتي لها أسسها الدستورية والقانونية لضمان استقلاليتها المالية والإدارية. إلاّ أن مشروع القانون لم يضمن استقلالية الهيئة الناظمة لحرية المنافسة"، و"أعطى المشروع للهيئة صلاحيات قضائية لتصبح في آن معا سلطة إدارية وقضائية بما يتعارض مع مبدأ فصل السلطات المنصوص عليه في الفقرة "ه"من مقدمة الدستور اللبناني. هناك تعديلات جوهرية يجب أن يتم اعتمادها للسماح للهيئة بأن يكون لها طبيعة مزدوجة وهي غير مؤمنة في هذا المشروع، وأعطى المشروع للهيئة حق التحقيق والحكم في آن معا. إن سلطة فرض العقوبات المعطاة للهيئة وتحويلها الى سلطة قضائية لا يمكن أن يترافق إلا مع احترام حق الدفاع المطلق للمتضررين لما للعقوبات التي تفرضها هذه الهيئة من آثار خطيرة على الأشخاص الذين تطالهم وعلى الاقتصاد بشكل عام".
بالإضافة إلى تلك الثغرات، هناك "غموض بالنص القانوني لجهة علانية ووجاهية المحاكمة أمامها بما يعرضه للطعن لعدم الدستورية، وقد ربط المشروع بعض قرارات الهيئة بقرارات الهيئات المخولة بموجب انظمتها الخاصة صلاحيات تنظيم قطاع اقتصادي معين في الدولة ومراقبته والإشراف عليه. إن عدم تعيين هذه الهيئات على الرغم من النصوص القانونية التي تنشئها وطبيعة بعض الهيئات غير المستقلة فعليا تشكل خطرا أساسيا في إمكانية أن تخدم الهيئة الهدف المقرر لها بما يهدد مبدأ حرية التنافس، وينص المشروع أن وزير الاقتصاد والتجارة له أن يبت بعمليات التركيز الاقتصادي وفقا لاعتبارات تتعلق بالمصلحة العامة وهذا مصطلح مطاط وعدم تحديده بشكل دقيق يعرض المشروع للطعن الدستوري، ويخالف المشروع مبدأ دستوري يتعلق بقرينة البراءة حيث ويعتبر أن الاتفاق بين المتنافسين هو مسبب للضرر حتى إثبات العكس، ولم يتطرق المشروع الى تنظيم أو إزالة احتكارات الدولة للكثير من القطاعات الحيوية بما يمنع توفير الخدمة الأفضل للمواطنين ويساهم في خلق منافسة غير مشروعة بما يضرب القطاع الخاص".