من يدعو الى نزع سلاح المقاومة التي حققت النصر والعزة والكرامة لجميع اللبنانيين والعرب وصنعت مجد لبنان، إنما امتهن العمالة للمستعمرين والمحتلين..
لقد سقط القناع عن بعض المجموعات الحراكية التي تتحرك تحت راية هيئات المجتمع المدني، وادّعت أنها تريد إصلاحات في النظام السياسي ومحاربة الفساد.. فإذا بها تتراجع عن هذه الشعارات، لمصلحة رفع شعارات سياسية تطالب بتجريد المقاومة من سلاحها وتطبيق القرار ١٥٥٩ الذي يستهدف وضع لبنان تحت الوصاية الأطلسية وتكريس القطيعة مع الشقيقة سورية، وبالتالي مقاطعة لبنان لنفسه وشدّ الخناق عليه، لأنّ لبنان لا يستطيع الاتصال بالدول العربية براً إلا عبر سورية…
ماذا يعني ذلك، ولماذا كشفت هذه المجموعات عن أهدافها الحقيقية المتماهية مع الأهداف الأميركية الصهيونية؟
أولاً، إنّ هذه المجموعات المدعومة من قبل مؤسسات غربية أنشئت لغاية وحيدة وهي الترويج للأفكار والاستراتيجيات الأميركية الغربية تحت عناوين براقة مثل الدعوة إلى الشفافية ومحاربة الفساد الذي انتشر وتفشى في ظلّ سيطرة طبقة سياسية انتهجت سياسات ريعية تابعة للحكومات الرأسمالية الغربية الاستعمارية التي تستهدف ربط لبنان بعجلة التبعية الاقتصادية والسياسية والأمنية وصولاً إلى تحويل لبنان إلى محمية أميركية، وهو أمر لا يمكن تحقيقه إلا إذا تمّ التخلص من المقاومة وسلاحها الذي يؤرق كيان العدو الصهيوني، ويفرض معادلات الردع في مواجهته مما يحول دون تمكن جيش الاحتلال من القيام باعتداءاته وتحقيق أطماعه في ثروات لبنان النفطية والمائية.. ويبدو من الواضح أنّ هذه المجموعات الحراكية تسلقت مطالب الناس المحقة، ليس من أجل تحقيقها، وإنما لخدمة الأجندة الأميركية الغربية لتغيير المعادلة السياسية في البلاد وتنظيم انقلاب ضدّ المقاومة وحلفائها.. وما يؤكد ذلك خلو شعارات هذه المجموعات من ايّ دعوات للتحرّر من الوصاية الأميركية الغربية وتدخلات السفارة الأميركية في شؤون لبنان الداخلية التي لم تخف هدفها في دعم منظومة الفساد في لبنان وحماية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والضغط على الحكومة لمنع الانفتاح والتواصل مع الحكومة السورية للتوجه شرقاً لتصريف الإنتاج اللبناني والحصول على المساعدات غير المشروطة التي يحتاج إليها لبنان لمعالجة أزماته المختلفة..
ثانياً، انّ التصويب على المقاومة وسلاحها انما يشكل جزءاً اساسياً من أسلحة الحرب الناعمة الأميركية التي تستخدم منظمات المجتمع المدني NGOS باعتبارها إحدى وسائلها لاختراق المجتمع من الداخل والتسلل خصوصاً إلى النخبة من الجيل الصاعد التي تركز عليها هذه المجموعات وتعمل على استقطابها وتقديم بعض الإغراءات لها.. لتكون مرتكز تحرّكها والترويج لأهدافها وشعاراتها..
ثالثاً، انّ كشف هذه المجموعات عن أهدافها السياسية، يأتي بعد أن شعرت واشنطن انّ حزب الله وبالتعاون مع حلفائه نجح في عرقلة الخطة الأميركية الانقلابية، ولهذا عملت على تصوير انّ حزب الله يهيمن على الحكم في البلاد وأنّ المطلوب وضع حدّ لذلك عبر طرح شعار نزع سلاح المقاومة والزعم أنه سلاح ميليشياوي، وكذلك العمل على عرقلة ايّ توجه للحكومة اللبنانية لا ينسجم مع الحرب الاقتصادية الأميركية التي تقضي بتشديد الحصار على سورية من خلال الإعلان عن تطبيق ما سمّي قانون «قيصر»، وبالتالي منع توجه لبنان شرقاً وانفتاحه على سورية، وذلك بغية جعل الحكومة أمام خيار وحيد للحصول على قروض مالية مشروطة من صندوق النقد الدولي الذي تهيمن عليه واشنطن..
رابعاً، انّ كشف حقيقة هذه المجموعات إنما يميط اللثام عن حقيقة ارتباطاتها، ويؤدّي إلى إحداث فرز بين مجموعات وقوى الحراك:
ـ بين المجموعات والقوى المرتبطة بأجندة أميركية غربية لإبقاء لبنان يرزح تحت التبعية للغرب ومؤسساته المالية…
وبين المجموعات والقوى المنطلقة في تحركها من أجندة وطنية وتسعى لإصلاح وطني يحرر لبنان من الوصاية الأميركية، وتحقيق مطالب الناس المعيشية، وتعزيز خيار المقاومة والتمسك بسلاحها…
وهذا الفرز بدأ فعلياً من خلال مسارعة العديد من القوى ومجموعات في الحراك إلى رفض هذه الشعارات وعدم المشاركة في التظاهرة التي ستجري اليوم السبت في ساحة الشهداء…
انطلاقاً مما تقدّم، انّ انكشاف حقيقة المجموعات المرتبطة بالأجندة الأميركية الغربية لمحاولة الانقلاب على المقاومة وسلاحها إنما يخدم الاتجاه الوطني الذي دعا منذ البداية إلى الفرز داخل الحراك الشعبي وفضح القوى والمجموعات التي تحاول استغلال مطالب الناس المحقة للتحريض ضد المقاومة بغية تحقيق أهداف تخدم الأجندة الأميركية الغربية..