لفتت "الجمهورية" الى ان الانظار قد اتجهت الى القصر الجمهوري الذي شهد لقاء بين الرئيس ميشال عون والسفيرة الاميركية، وتضاربت المعلومات والروايات حول طبيعته وما دار خلاله من بحث، خصوصاً انه جاء غداة إقرار التعيينات المالية والحديث عن استياء اميركي منها.
ففي رواية أولى وردَ انّ السفيرة الاميركية التي لم تَزر قصر بعبدا منذ تقديم اوراق اعتمادها في 11 آذار الماضي، زارت عون على عجل لتبلّغه رسالة تضمّنت "استياء أميركياً" من التعيينات التي أجرتها الحكومة، ولا سيما منها التعيينات المالية. وذكرت هذه الرواية انّ عون كان قد وعدَ الاميركيين وغيرهم بإقرار تعيينات لا تستفزّ احداً في الداخل والخارج، وأنه حاول في جلسة مجلس الوزراء أمس تظهير التعيينات بهذه المواصفات ولكنّ رئيس الحكومة حسان دياب أصرّ على إقرارها بالصيغة التي تم تحضيرها خلال الاتصالات الاخيرة.
وفي معلومات لـ"الجمهورية" انّ رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل كان قد أرسل الى دياب السيرة الذاتية لمايا دباغ لتعيينها رئيسة للجنة الرقابة على المصارف، فتبنّاها الاخير وتم تعيينها.
وقالت مصادر اميركية انّ التعيينات بالصيغة التي أقرّت بها "شكّلت استفزازاً لشريحة واسعة من اللبنانيين وللحراك الشعبي وكذلك استفزازاً للاميركيين. وبالتالي، ستكون هناك تداعيات لها على المستويين الداخلي والخارجي".
وفي هذا السياق ذهب البعض الى توقّع ان تستدرج التعيينات عقوبات اميركية جديدة تطاول هذه المرة بعض القيادات والشخصيات السياسية، وضد الدولة على قاعدة "انّ هذه التعيينات لا تليق بالعمل على مكافحة تبييض الاموال".
وفي الرواية الثانية نفَت مصادر مطلعة لـ"الجمهورية" المعلومات التي تحدثت عن موقف اميركي مُتصلّب من التعيينات المالية في مصرف لبنان، وانّ السفيرة الاميركية دوروثي شيا نقلت مثل هذه الملاحظات الى رئيس الجمهورية في لقائهما امس في بعبدا.
وقالت هذه المصادر انّ الربط ايضاً بين موعد الزيارة واعتبارها انها جاءت بعد ساعات قليلة على التعيينات المالية والادارية في مجلس الوزراء أمس الأول، هو ربط غير موفّق، فالموعد مطلوب منذ فترة وحُدّد قبل 4 ايام.
ونفت المصادر ان تكون شيا قد تطرقت في لقائها مع رئيس الجمهورية الى ما يُقال عن تمسّك بلادها بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة في موقعه، وعن اعتراضات اميركية على استبعاد محمد بعاصيري عن موقعه في المصرف. وقالت: "انّ مثل هذا الكلام لم يتناوله اللقاء لا تصريحاً ولا تلميحاً".
وعمّا جرى في اللقاء، قالت المصادر انّ شيا "جاءت مستطلعة للتطورات على المستويات كافة، وانّ وجود نائب رئيس قسم السياسة والاقتصاد في السفارة السيد Andrew Daehne الذي رافقها في الزيارة ساهمَ في تقديم شرح مفصّل عن "قانون قيصر"، مؤكدة انّ القانون لا يستهدف لبنان بأي شكل من الاشكال، وانّ الحديث عن معاقبة لبنان ووَقف المساعدات العسكرية للجيش اللبناني والمؤسسات الامنية الأخرى كما بالنسبة الى المشاريع الاجتماعية الجاري تنفيذها ليس صحيحاً. وقالت انّ بلادها مستمرة وفق البرامج الموضوعة بما تمّ التوافق عليه وبناء على طلبات لبنان، وخصوصاً في ما يتعلق ببرامج الدعم العسكرية بالاستناد الى خطة التسلّح التي وضَعتها قيادة الجيش وقدّرت حاجاتها ونوعية الاسلحة التي يمكن توفيرها من اميركا".
وذكرت المصادر انّ شيا "إعتبرت انّ التفسيرات التي أعطيت للتقرير الذي وضعته لجنة الدراسات في الحزب الجمهوري في الكونغرس الاميركي، والذي نشر في بيروت منذ أمس الاول، ليست في محلها، وعلى اصحاب هذه التفسيرات التثبّت من انّ مثل هذه الاقتراحات لا علاقة لها بالادارة الاميركية، وهي مقترحات غير حكومية وغير رسمية ولا يمكنها إعطاء اي تفسير او شرح لها".
وبحسب المصادر نفسها "سألت السفيرة الاميركية عمّا جرى حتى الآن في جولات المفاوضات الجارية بين لبنان وصندوق النقد الدولي ومصير الخطة الاصلاحية التي وضعتها الحكومة؟ مُعبّرة عن اهتمامها بمتابعة هذه المفاوضات بما يخدم المشاريع المقترحة ليخرج لبنان من الازمة التي يعيشها، وهي مهتمة جداً بأيّ جديد لتبقى الى جانب لبنان".
واشارت المصادر عينها الى "انّ السفيرة الاميركية وجّهت مجموعة أسئلة الى رئيس الجمهورية حول الوضع في جنوب لبنان وشكل العلاقة القائمة بين لبنان الرسمي وقيادة القوات الدولية وتحديداً الجيش اللبناني، مؤكدة اهمية الحفاظ على الإستقرار في الجنوب". فردّ عون على هذه الاسئلة، وقدّم التوضيحات التي تتناسب ومضمونها بما يؤكد ثوابت لبنان ويضمن سلامة اراضيه وتمسّكه بحقه ببَرّه ومائه وسمائه.