بين تظاهرة السادس من حزيران الجاري وما تشهده شوارع العاصمة بيروت خلال الأيام القليلة الماضية، وتحديداً أمام واجهات المصارف، إنقلب المشهد رأساً على عقب من تظاهرة تطالب بتطبيق القرار 1559 أي تسليم سلاح حزب الله وبإنتخابات نيابية مبكرة، قوامها حزب الكتائب وحزب سبعة والمنتدى السياسي المدعوم من بهاء الحريري ومناصرو اللواء أشرف ريفي وعدد من المجموعات الناشطة، الى تظاهرات ليليّة أمام مصرف لبنان والمصارف، تنتهي بالإعتداء على المصارف وتحطيم واجهاتها، وتطالب بإسقاط حاكم مصرف لبنان رياض سلامه والنظام المصرفي ككل، على إعتبار أنه المسؤول الأكبر عن إنهيار الوضع المالي والإقتصادي في لبنان، أما عصب هذه التظاهرات، فهو جمهور شيعي بغالبيته الساحق، يعتبر نفسه من المكوّنات الأساسية لإنتفاضة 17 تشرين الأوّل، ويدور في الجوّ السياسي لحزب الله. حتى لو سألت هذا الجمهور عن هذا الموضوع، لا يقولها علناً إنه مقرب من حزب الله، ولكن إذا دققت اكثر فاكثر في المجموعات التي تتظاهر، يتبين أنها ليست بعيدة أبداً عن هذا الجو. وفي هذا السياق، يقول ناشطون في هذه المجموعات، إن "الأهم بالنسبة اليهم هو إعادة بوصلة التحركات الى روحية 17 تشرين الأوّل لأن من سرق وهدر المال العام وأوصل الوضع الإقتصادي الى ما وصل اليه، ليس حزب الله بل من أشرف على السياسات المالية والخطط الإقتصادية منذ العام 1990 وحتى اليوم، لذلك كان لا بد من إعادة المطالب المعيشية والإقتصادية الى الساحات وهذا ما يريده اللبنانيون. ويضيف الناشطون في المجموعات التي تتظاهر ضد المصارف، "لمن يهاجمنا اليوم ويتهمنا بإستغلال الثورة، نذكره بأننا كنا من اطلق هذه الإنتفاضة وصنعها في الأيام الأربعة الأولى قبل أن ننسحب من الشارع مرحلياً بسبب حرف الحركة المطلبية عن هدفها الأساسي، ومن ثم نعود اليها بسلسلة من التحركات التي تستهدف المصارف وعلى رأسها مصرف لبنان".
في المقابل من ينتقد التحركات ضد المصارف في الإنتفاضة، هي مجموعات تعتبر أن حزب الله يريد من هذا الامر على المصارف توجيه الرسائل الى رياض سلامه ومن خلفه الإدارة الأميركية التي، وقبل أن تنتهي من إصدار لائحة عقوبات جديدة بحق الحزب، تعود وتلوّح برزمة عقوبات جديدة ضد الحزب وحلفائه، لذلك، لجأ الحزب الى تظاهرات بوجه المصارف، لصرف النظر عن التظاهرات المطالبة بالقرار 1559 وتسليم سلاحه".
على أرض الواقع، يبدو أن تظاهرات ضدّ البنوك لن تتوقف، بينما التظاهرات المطالبة بتطبيق القرار 1559، وبما أنها إنتهت بتوتر طائفي مذهبي على ما كان يعرف بخطوط التماس في عين الرمانه والشياح وفي كورنيش المزرعة وبربور، يبدو أن أصحابها صرفوا النظر عنها مرحلياً بإستثناء بهاء الحريري الذي يؤكّد مناصروه في لبنان أنهم سيعودون قريباً الى الشارع وبالعناوين عينها وعلى رأسها سلاح الحزب. فلمن ستكون الغلبة في هذا الكباش اللبناني–اللبناني بحسابات وإعتبارات إقليمية ودولية؟.