عقد ملتقى التأثير المدني، لقاءه الإلكتروني الثامن، الّذي ضمّ مجموعة من الخبراء والناشطين المدنيّين، الّذين بحثوا بـ"سُبل توطيد القيم المشتركة لكلّ الأوراق والمشاريع الإصلاحيّة الّتي صدرت عن المجموعات المعارِضة في الفترة الأخيرة، من أجل قطع الطريق أمام محاولات إحباط الثورة".
وقد توقّف المجتمعون مليًّا عند إنجازات الثورة، فأكّدوا أنّها "استطاعت أن تُسقط الحكومة والتسوية الرئاسية، وبالتالي تفكيك المنظومة السياسيّة إلى أكثر جبهة متنافرة وهذا يُحسَب للثورة". كما توقّفوا عند "مشهدَين أساسيَّين في البلد، أشارا بشكل جليّ إلى مدى انهيار الطبقة السياسيّة بلبنان، في مقابل تثبيت أحقيّة الثورة ومطالبها".
وأوضحوا أنّ "المشهد الأولى تجلّى بالتعيينات الّتي هُرّبت داخل الحكومة، والّتي عكست منطق المحاصصة واللاكفاءة في اختيار الأشخاص، فيما المشهد الثاني "المبكي" اتّخذ شكل تغريدات وتراشق افتراضي بين أهل السلطة على وقع صرخات الجوع والفقر القياسيّة بين صفوف اللبنانيّين، وسط تصارع غير مسؤول بين هذه الأحزاب". وأشاروا إلى أنّ "عليه، فإنّ الجو العام يؤكّد أنّ لا إمكانيّة لتراجع الثوار، وعليهم أن يتحمّلوا مسؤوليّة قدرهم ويبنوا مستقبلهم بيدهم".
وركّز المجتمعون، على "ضرورة انطلاق العمل التنظيمي من الوظائف التالية:
1- التأكيد على ثوابت الثورة والأجندة الّتي وضعتها، وعلى رأسها تشكيل حكومة مستقلّة، ثمّ الذهاب إلى انتخابات نيابيّة مبكرة لإعادة إنتاج السلطة.
2- الجبهة هي قوّة دفع أو تصويب لأيّ عمليّة إصلاح وتتعاطى الشأن الاقتصادي، وكذلك توثيق الفساد وتثبيته على السلطة من أجل تحميلها مسؤوليّة الانهيار الحاصل.
3- الدفاع عن الحريّات بشكل عام، وحرية الرأي والتعبير.
4- التأكيد على الثوابت السياديّة، من خلال تحويل مبدأ "النأي بالنفس" الّذي وَرد في وثيقة بعبدا، إلى بند دستوري ملزم لجميع الجهات في الداخل.
5- التأكيد على أن تكون الجبهة في اتجاه قيام الدولة المدنيّة.
6- التأكيد على دستور الطائف والالتزام ببنوده، والإقرار بأنّ أي عمليّة إصلاح يجب أن تمرّ من خلال مندرجاته القانونيّة".
أمّا في التوصيات، فقد أجمع المشاركون على النقاط التالية:
"-ضرورة تنظيم الثورة من داخلها ومن خلال مبادرات تصبّ كلّها في هدف موحد، هو تنظيم ائتلاف أو جبهة سياسيّة شاملة تسير مع الثورة ومع الثوار، ولا تختصر أحدًا وإنّما تكون جزءًا منهم.
-وضع سقف زمني لإطلاق هذه الجبهة، لأنّ السقف الزمني هو الدافع الحقيقي من أجل تحويل الكلام إلى خطوات عمليّة وجديّة.
-تركيز الجبهة على هدف رئيسي واضح وقابل للتحقيق (تغيير السلطة)، وفي الوقت نفسه تبني أهداف ثانويّة أُخرى يجري التركيز عليها وتجزئتها وترسم أولويّاتها.
-على هذه الجبهة أن تتغلّب على الـ"أنا" في صفوف الثوار، وأن تترفّع عن المصالح الحزبيّة والفئويّة الضيّقة، بغية تشكيل نواة لهذه الجبهة تتّفق على ورقة سياسيّة مبدئيّة يكون مضمونها "soft"، يتوسع انتشارها وتتمكّن من ضمّ أكبر قدر ممكن من المجموعات والأفراد.
-وضع معايير لهذه الجبهة، تحمل مضمونًا سياسيًّا صلبًا، قادر على الصمود أبعد من مسألة الانتخابات النيابية، بسبب ما يختزن اللبنانيّون في ذاكرتهم من سوابق محبِطة وتجارب مقيتة من الجبهات الانتخابيّة اليتيمة.
-ضرورة العمل من أجل إقناع المواطنين بأهميّة التغيير في صفوف السلطة وشرح آليّات هذا التغيير (الانتخابات)، لأنّ الناخب لا يختار مرشحه في الغالب بموجب برنامج، وإنّما على أسس حزبيّة أو يختار المرشح لشخصه حصرًا.
-الاتفاق على معايير وآليّات موحدّة ومحدّدة، لاختيار المرشّحين القادرين على محاكاة تطلّعات الناخبين.
-العودة إلى المشهد السياسي العام، من خلال السعي الجدّي للدخول في صلب جبهة المعارضة، وعدم ترك ساحاتها للأحزاب التقليديّة الّتي هي أصلًا جزءًا من هذه السلطة".