أكدت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، ان المساعي الحميدة التي تبذلها حركة "أمل" منذ اسابيع على خط الوساطة لإعادة تفعيل "هيئة العمل الفلسطيني المشترك" في لبنان، تكللت بالنجاح، ومن المتوقع ان يعقد لقاء قريب في غضون أيام قليلة، بعد تذليل الخلافات وسحب الشروط بين الطرفين سواء من فصائل "منظمة التحرير الفلسطينية" بما فيها حركة "فتح" من جهة، و"تحالف القوى الفلسطينية" بما فيها حركة "حماس" من جهة أخرى.
والتوافق الفلسطيني جاء بعد جهود مضنية ومتابعة حثيثة من رئيس مجلس النواب، رئيس حركة "أمل" نبيه بري، حيث نجح عضو المكتب السياسي للحركة ومسؤول الملف الفلسطيني في لبنان الحاج محمد الجباوي وبمعاونة عضو المكتب السياسي المهندس بسام كجك، وفي اعقاب سلسلة لقاءات بعيدة عن الاضواء واتصالات بمسؤولي القوى الفلسطينية على مختلف انتماءاتها، وخاصة أمين سر حركة "فتح" وفصائل "المنظمة" في لبنان فتحي ابو العردات، وأمين سر "التحالف" مسؤول "القيادة العامة" في لبنان غازي دبور، بالتوصل الى اتفاق على عقد اجتماع في غضون أيام قليلة، ايذانا بإنطلاق عملها مجددا، حيث لم تعقد ايّ إجتماع منذ أشهر عديدة، نتيجة تداعيات الخلافات بين حركتي "فتح" و"حماس" في الداخل و"فشل" المصالحة الوطنية أكثر من مرة، والاختلاف الضمني على بعض القضايا المطروحة على الساحة الفلسطينية في لبنان، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، ما يتعلق بتوزيع المساعدات المالية لوكالة "الاونروا" لمواجهة تداعيات جائحة "كورونا"، اذ إجتمع كل طرف على حدى مع مديرها العام كلاوديو كوردوني، ولم يكن الموقف الفلسطيني موحدا تجاهها.
ضوء أخضر
"الضوء الاخضر" أو "الدخان الابيض" للتوافق، إنبعث من الاجتماع الموسع الذي عقدته فصائل "المنظمة" برئاسة ابو العردات في مقر "الاتحادات والمنظمات الشعبية الفلسطينية" في صيدا، وخصص الجانب الاكبر منه لمناقشة هذا الموضوع تحديدا، وخلص الى الموافقة على حضور الاجتماع على قاعدة القناعة بأهمية تأكيد التمسك بصيغة العمل الفلسطيني المشترك، والتي اتفق عليها فلسطينياً وتم توقيعها من جميع الفصائل والقوى الوطنية والاسلامية الفلسطينية في لبنان، برعاية بري، لتحصين البيت الفلسطيني وتمتينه لمواجهة المخاطر المحتملة، والتي يمكن أن تطال المخيمات والتجمعات الفلسطينية، خاصة في ظل الظروف الصعبة والازمات الكبيرة التي تشهدها المنطقة على وجه العموم ولبنان خصوصاً.
في المقابل، أعلن "التحالف" في اجتماعه الدوري الذي عقد في مقر حركة "حماس" في بيروت، "ضرورة قيام هيئة العمل الفلسطيني المشترك بدورها لرفع المعاناة عن أبناء الشعب الفلسطيني في المخيمات والتجمعات والعمل الجاد والمسؤول للتصدي والقضاء على المشكلات الاجتماعية، وعلى رأسها آفة المخدرات التي تهدد الأسرة الفلسطينية بكل مكوناتها، وهذا مناط بدور وواجبات كل فصائل العمل الوطني، ويأتي في مقدمها القوى الأمنية المشتركة في المخيمات التي بات تشكيلها وتعزيز دورها مطلبًا جماهيريًا يجب على الفصائل كافة القيام به، بعيدًا عن العصبوية التنظيمية والاستعراضات الإعلامية.
ملفات ساخنة
والى جانب ملف "الهيئة"، اتخذتعملية توزيع المساعدات الماليّة الطارئة التي قدمتها "الاونروا" عبر فروع شركة "بوب فايننس" لمواجهة تداعيات جائحة "كورونا"، منحى دراماتيكيا، مع "القرار المفاجىء" الذي اتخذه المدير العام كوردوني بوقفها تحت ذريعة "اجراء المزيد من التدقيق"، وسط استياء سياسي وغضب شعبي فلسطيني نتيجة "التخبط"، سيما وانها المرة الثالثة التي يتم فيها توقيف العملية منذ انطلاقتها في 18 ايار الماضي، واجماع على ان "الأونروا تنتقل من "خطأ إلى خطأ" ومن "خلل إداري" إلى آخر، جراء سوء تصرف وتقدير، وتساؤلات كيف للوكالة الدولية التي لديها أكثر من 4 آلاف موظف، وعشرات المراكز المنتشرة على كل الأراضي اللبنانية عدم قدرتها علىادارة عملية توزيع ما يقارب 8 مليون دولار أميركي فقط دون تعريض اللاجئين للإهانة".
وفي معلومات خاصة وموثوقة لـ"النشرة"، فإن "التدقيق" الذي قصده كوردوني، هو عبارة عن "صدمة كبرى" في دوائر "الاونروا"، في اعداد اللاجئين الذين تسلموا مساعداتهم المالية، اذ بلغ أكثر من 300 الف نسمة، دون احتساب عدد الموظفين الذين لم يستفيدوا من هذه المساعدات، الى جانب كثير من القيادات والميسورين ورجال الاعمال والمسافرين، ولم تنتهِ عملية التوزيع بعد، في وقت كان تقدير "الاونروا" ألاّ يتجاوز عدد المستفيدين أكثر من 220 الفا.
ووفق المعلومات، فإن هذه "الصدمة الكبرى"، فتحت الباب مجددا على التساؤلات حول دقة اعداد اللاجئين في لبنان وخاصة نتائج "التعداد العام للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، الذي أجرته "لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني" بالشراكة مع إدارة الإحصاء المركزي اللبناني والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في العام 2017، الذي حسم بأنّ العدد الفعلي لهؤلاء يبلغ قرابة 174ألفا شخص فقط، وليس 500 الف لاجىء كما في قيود "الاونروا" نفسها، نصفهم كان مسافرا او لاجئا او مجنّسا أو حاملا لجنسيّة أخرى، وشكّل "شماعة" لحرمان الفلسطيني من حقوقه، تحت ذريعة "الخوف من التوطين".
وللتذكير فإن نتائج "التعداد" الذي دام عاما وأطلق رسميا (21 كانون الاول 2017) من السراي الحكومي، اكد ان عدد اللاجئين المقيمين في لبنان بلغ نحو 174.422 شخصاً (78897 في المخيمات، 37652 التجمعات المحاذية للمخيمات 5787 في التجمعات الاخرى)، موزعين على 55473 عائلة. وبلغ متوسط حجم الأسرة 4 أفراد، ونحو 3707 الزوج فلسطيني لاجئ والزوجة لبنانية، 1219 الزوج لبناني والزوجة فلسطينية لاجئة.
وحسب المعلومات، فان صدمة "الاونروا"لا تتوقف حول استفادة عدد من المسافرين من المساعدات الماليّة مقابل "سمسرة"، وانما اكتشاف خللٍ في قيودها، اذ لم تتوقع ان عددا كبيرا من اللاجئين عادوا الى لبنان واقاموا فيه على مدى ثلاث سنوات، وخاصة من دول الخليج مع بدء الازمة الاقتصادية والمالية وانهاء عقود الاف العمال منهم، حيث اقاموا في المدن اللبنانيّة وليس داخل المخيّمات ولم يجرِ احصاؤهم في تعداد العام 2017، وهذا يفتح المجال واسعا على اعادة الجدل حول الاعداد الحقيقية وارتباطا بمصير اللاجئين عودة او تهجيرا او تذويبا او توطينا.
ورفضا لوقف العملية، دعت القيادة السياسية للمنظمة إدارة "الاونروا" إتمام عملية توزيع المساعدات المالية على الأسر الفلسطينية في لبنان بشكل سريع، وبما يضمن حفظ كرامة وإنسانية أبناء شعبنا، وعدم حرمان أي من الاسر من هذه المساعدات،خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي يتعرض لها لبنان، والتي نتج عنها ارتفاع جنوني للقيمة الشرائية للسلع وخاصة الغذائية. بينما طالب "التحالف" الأونروا باستكمالها والتي تعد خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح، مع التأكيد على استمرارية تقديم المساعدات الإغاثية لكل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان طالما بقيت الأزمة.