"الغزوات" المتتالية لوسط بيروت منذ ايام عدة، وكذلك بالتزامن مع هجمات عنيفة على الجيش في طرابلس، باتت أمراً مقلقاً امنياً وسياسياً وشعبياً للغاية وهي قيد التدقيق الامني الحثيث وفق ما تؤكد اوساط قيادية في 8 آذار.
وتتوقف الاوساط عند جملة من المعطيات الهامة واللافتة، والتي تؤكد ان هناك من يدفع الى صدام سني- شيعي وصدام بين الجيش والسنة.
وتلفت الانتباه الى ان خروج الدراجات النارية من منطقة خندق الغميق او الشياح او الضاحية لم يكن ممنهجاً وليس موجهاً كأداة رد سياسي في الشارع ضد المعارضة او الثورة.
وتكشف ان غالبية من خرجوا على دراجاتهم النارية وسببوا شغباً في احياء بيروت، لم يمكثوا هناك لفترة طويلة، وليسوا من هم الذين قاموا بتكسير واجهات المحال التجارية والمصارف والمكاتب التجارية. كذلك عمدوا الى تخريب منشآت وتجهيزات داخل المحلات نفسها في مقصد واضح لتسبيب افدح ضرر ممكنة بهذه المنشآت.
وتؤكد ان لا قرار تنظيمياً او سياسياً لدى فريق 8 آذار ولا سيما لدى "الثنائي الشيعي" لزج شارع مقابل شارع او لتعزيز الصدام بين المتظاهرين والقوى الامنية او لتقديم خدمة مجانية للسعاة الى فتنة سنية- شيعية في الشارع.
وتلفت الى ان 8 آذار اتخذت الاسبوع الماضي قراراً بعدم القيام بأية تظاهرة في الشارع، ولذلك عمدت الى الغاء تظاهرة عوكر بعد مشاورات واسعة خلصت الى ان الشارع لا يحتمل اي صدام جديد، وخصوصاً ان "جسم الشيعة لبيس".
وتقول ان فريقنا ينشد التهدئة والانصراف الى المعالجات السياسية والاقتصادية الجدية والفعالة، فمن يلغي اي تظاهرة ويمنع اي مؤيد او مناصر لـ"الثنائي" الشيعي من افتعال اي تظاهرة، لا يريد التصعيد في الشارع، ويريد تفويت الفرصة على من يريد فتنة سنية –شيعية على غرار ما جرى في السبت الاسود.
وتلفت الى ان المشاركة الشيعية في التظاهرات المطلبية الخميس كانت فردية وخارج إرادة "الثنائي" اي بمعنى انها لم توجه او تواجه منه، وليس هناك من قرار تنظيمي للحزبيين وغير الحزبيين بالتظاهر ولم تكن حركات الخروج من بعض الاماكن بالدراجات وكذلك سيراً على الاقدام منظمة ومخطط لها. وهذا يؤكد ان هناك حالة من التمرد الشعبي عند غير الحزبيين ضد الاحزاب بفعل الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية الصعبة والتي تتحمل القوى السياسية في الموالاة اليوم والمعارضة المسؤولية عنها، ولا يمكن لاحد ان يغسل يده من المأزق.
وتوضح الاوساط ان مشهد تفقد الرئيس سعد الحريري للاضرار في وسط بيروت، استوقف كل المراقبين، وفُهم منه انه رسالة لشقيقه الاكبر بهاء، ولا سيما ان الحريري الابن و"الحريرية السياسية" ككل تعتبر ان "السوليدير" او وسط البلد واعماره من انجازات الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وإمعان البلطجية في تكسير وحرق وسط بيروت هدفه الاساءة لهذا المشروع.
وتلمح الاوساط الى ان لدى سعد الحريري معطيات واضحة عن وقوف بهاء والوزير السابق اشرف ريفي وكذلك نبيل الحلبي وراء بعض المجموعات وما تسرب الى الاعلام هو عينة يسيرة مما هو موجود رغم ان التحقيقات لا زالت مستمرة. ولكن الدلالة السياسية لزيارة سعد الحريري الى وسط بيروت وتفقده الاضرار رسالة واضحة وتدل بالبنان على الجهة التي تقف وراء التخريب الممنهج.
وتتابع الاوساط ان ما يجري في الشمال ايضاً هدفه، الايقاع بين الجيش والطائفة السنية والطرابلسيين واحداث فتنة سنية - سنية ايضاً واعادة فرز هذه الطائفة الى فئة معتدلة وفئة متطرفة تكفر الجيش وتهاجمه. وهناك مزاج ما بدأ يتعمم عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الشمال من بعض الجهات المتطرفة ضد الجيش!
وتلفت الاوساط الى ملاحظة هامة جداً ان الجيش والقوى الامنية يحاذرون حتى الساعة استعمال القوة المفرطة او سقوط دم في الشارع. وتحاول القوى الامنية حتى الساعة حل الامر بإستيعاب الشارع واعادة الهدوء بأقل ضرر ممكن. ولكن ما يحصل بات مقلقاً على معنويات العسكريين الذين جرح منهم اكثر من 30 عنصراً في الايام الماضية، بالاضافة الى ان الإشغال المستمر للجيش في تظاهرات مماثلة يستنزف القدرات والجهود وموارد المؤسسة الضعيفة اصلاً .
وتخلص الاوساط الى ان ما يجري اليوم في الشارع، يؤكد تفلت الجمهور والشارع من يد الاحزاب الموالية والمعارضة، بفعل الفشل في السياسات المالية والاقتصادية والعقم الحكومي في الوصول الى حلول سريعة وجذرية لا تبدو سهلة المنال او في المتناول، مع توقع بدء مرحلة صعبة ومقلقة للغاية ابتداءاً من 19 الجاري وبعد يومين من بدء تنفيذ الاميركيين لقانون "قيصر" على السوريين واللبنانيين.