أشار رئيس "حزب الحوار الوطني" النائب فؤاد مخزومي، بعد لقائه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى، إلى أنّ "الزيارة هي للوقوف على الأحداث الأخيرة الّتي شهدتها العاصمة بيروت مؤخّرًا"، لافتًا إلى أنّ "المفتي دريان أكّد إجماع اللبنانيّين عمومًا وأهل بيروت خصوصًا على أنّنا نمرّ بمرحلة صعبة وحسّاسة جدًّا، وأنّ بيروت لا يمكن أن تكون دائمًا "فشّة خلق" أو ساحةً لتبادل الاتهامات".
وركّز على أنّ "ما حصل من مواجهات في الشارع يوم السبت الماضي بين مناصرين لقوى سياسيّة معيّنة، وما قابله من اجتماعات لمرجعيّات سياسيّة أساسيّة خرجت لتدعو إلى حكومة وحدة وطنية والرجوع إلى ما قبل 17 تشرين الأول، لوضع حدّ لما يحصل في الشارع، هو كذبة لم يعد يصدّقها اللبنانيّون". وتوجّه إلى المسؤولين عمومًا وإلى مسؤولي الطائفة السنيّة خصوصًا، بالقول: "الجميع يُقرّ بفشل هذه الحكومة وأنّها لم تقدّم جديدًا للبنانيّين، لكن السؤال المشروع هنا: هل هذه الحكومة تتحمّل مسؤوليّة ما وصلنا إليه بمفردها، أم أنّها ورثت نتائج السياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة منذ العام 1993 حتى اليوم؟ هل تنازل حسان دياب بمفرده عن صلاحيّات مجلس الوزراء، أم أنّ هذه التنازلات حصلت منذ العام 2005؟".
وتساءل مخزومي: "مَن الّذي أفرز ما يعرف بالمسيحي القوي والشيعي القوي والسنّي القوي؟ المسؤول هو من كان له حقّ التوقيع وتنازل عن صلاحيّاته بشكل واضح وصريح. ولا نستطيع سوى القول "يا فرعون مين فرعنك، تفرعنت وما لقيت حدا يردني". وذكر أنّ "سعر صرف الدولار لامس عتبة السبعة آلاف ليرة منذ أيام"، سائلًا: "ما هي الكذبة الّتي سيسمعها اللبنانيّون بعد؟ هل نقوم بتجويع الناس ونجبر حاكم المصرف المركزي على ضخّ الدولار في الأسواق من أجل تهريب 4 مليار دولار إلى سوريا، ونكون في المقابل أمام خطر الإفلاس؟".
وتساءل أيضًا: "أين كان اهتمام المسؤولين وخصوصًا من الطائفة السنية ببيروت عندما صرّح أحد الوزراء السابقين خلال فترة الانتخابات النيابية، وتحدّث عن عدم وجود كفاءات بين صفوف الشباب البيروتي؟ أم أنّهم اليوم فقط يحاولون استغلال وجع الناس لتحقيق مصالحهم الشخصيّة؟". وكشف "أنّنا طلبنا من المفتي دريان أن تأخذ دار الفتوى المبادرة لجمع الحريصين على الطائفة السنية في ظلّ الفراغ السياسي، والتعاون والانفتاح على كلّ من يريد العمل لمصلحة هذه الطائفة ومصلحة بيروت ولبنان. فالوقت ليس مناسبًا اليوم لتصفية الحسابات الشخصيّة، أو السعي إلى تسلّم رئاسة الحكومة بدلًا من رئيس الوزراء حسان دياب".
كما أوضح أنّ "الثورة طالبت بتحقيق موضوعَين أساسيّين هما استرجاع الأموال المنهوبة ومحاسبة الفاسدين"، مشيرًا إلى أنّ "من غير المقبول ما يجري على صعيد سعر صرف الدولار، فالمصارف تصرف الدولار على سعر 3200 ليرة لبنانية، في حين أنّ حاكم "مصرف لبنان" يتّجه إلى تثبيت سعر الصرف على 3900 ليرة لبنانية، ونجد في المقابل أنّ سعر الصرف المعتمَد رسميًّا من "مصرف لبنان" لا يزال 1515، وفي السوق السوداء تجاوز 7000 ليرة".
وأكّد مخزومي، أنّ "عدم توافر الدولار سيرفع سعر الصرف أكثر من ذلك مستقبلًا"، مبديًا استغرابه "ممّا يجري على صعيد أرقام الخسائر الّتي يتمحور الخلاف حولها بين الحكومة و"مصرف لبنان" والمصارف"، متسائلًا "إذا كان حجم الودائع الموجودة اليوم في المصارف يبلغ 115 مليار دولار والدولة صرفت 40 مليار دولار، فأين الأموال المتبقية؟".
إلى ذلك، أثار قضية التعليم، مشيرًا إلى أنّ "هناك العديد من الجامعات الّتي أعلنت أنّها لن تفتح أبوابها السنة المقبلة، وأنّ 73 ألف تلميذ سيتركون المدارس الخاصة ويتوجّهون نحو المدارس الرسمية، فماذا ستفعل وزارة التربية والتعليم العالي، وهل من قدرة للمدرسة الرسمية على استيعاب المزيد من الطلاب؟".
وركّز على أنّ "التهريب لا يزال متفشيًا والمعابر غير الشرعية مفتوحة على مصراعيها، والدولارات تصدر إلى سوريا"، منوّهًا إلى "الخوف من فقدان الكثير من المواد الغذائية كاللحوم وسواها". وشدّد على أنّ "من غير المقبول أن يخرج رئيس الحكومة ليقول إنّ هنالك من يعرقل عمل الحكومة من دون ذكر الأسماء. عليه أن يكون صريحًا معنا لنتمكّن من دعمه"، مجدّدًا رفضه لما حصل في ملف التعيينات، ورأى أنّ "الموجودين في الحكومة ومن هم خارجها كان لهم حصّة فيها، ممّا يعني أنّ المنظومة السابقة لا تزال نفسها وتغيّرت الوجوه فحسب".
وحول من يضمن أنّ ما حصل الأسبوع الماضي في بيروت لن يتكرر، أكّد مخزومي "ثقته بالجيش اللبناني"، داعيًا قائد الجيش من على منبر دار الفتوى إلى "وضع حدّ لجميع الممارسات والشغب بصرف النظر عن هويّة الفاعلين، لأنّ ما رأيناه يثبت أنّ الجميع متورّط لإسقاط هذه الحكومة وإعادة الحكومة السابقة الّتي فشلت مرارًا وتكرارًا، ونحن اليوم ندفع ثمن السياسات الخاطئة التي اعتمدتها الحكومات المتعاقبة منذ العام 1993".