منذ 30 أيار الماضي، تاريخ التظاهرة التي نظمت في منطقة العدلية للمطالبة بتطبيق القرارات الدولية 1701 و1559 و1680، دخلت البلاد مرحلة جديدة من الرسائل السياسية، ذات الأبعاد الداخلية والإقليمية، التي يتم تبادلها في الشارع، حيث باتت العناوين الخلافيّة حاضرة في أيّ تحرك مطلبي، سواء لناحية تبنيها أو نفي حضورها من قبل المنظّمين، وهو ما كان حاضراً بقوّة في مختلف التحركات التي حصلت بعد هذا التاريخ.
وسط هذا التوجه، يحضر العنوان السوري لبنانياً على نطاق واسع، إنطلاقاً من قانون قيصر الأميركي الهادف إلى زيادة الضغوط على الحكومة السورية، والذي كان قد ساهم في فتح العديد من الملفات الخلافية، في ظل الدعوات التي كانت ترفعها قوى الثامن من آذار إلى التنسيق مع دمشق، الأمر الذي بات أكثر تعقيداً اليوم، بالرغم من أن حكومة حسان دياب لم تبدِ أي حماسة لهذا التوجه، الذي تتبناه أغلب القوى الداعمة لها.
إنطلاقاً من ذلك، تشير مصادر سياسية عبر "النشرة"، إلى وجود قوى محلية تريد الضغط لدفع لبنان نحو تبني تطبيق قانون قيصر، بعد أن جرى توزيعه على مجلس الوزراء للإطلاع فقط، وترى أن هذا التوجه يعني أن البلاد ستخرج من معادلة النأي بالنفس لتكون شريكاً في معركة حصار سوريا، الأمر الذي سيكون له تداعيات كبيرة على الواقع اللبناني.
وتلفت هذه المصادر إلى أن ضمن هذا التوجه هناك من يريد أن يعمم، سياسياً وإعلامياً، أن سوريا هي سبب الأزمة الإقتصادية والمالية في لبنان، بالتركيز على عمليات التهريب التي تحصل عبر الحدود والإتهامات بنقل الدولار إلى الداخل السوري، في حين أن التحقيقات، التي أثبتت أسبابا أخرى لعملية التلاعب بسعر صرف الليرة، تمّ تجاهلها، مع العلم أنّ الضغوط المفروضة من جانب الولايات المتحدة هي السبب الأساسي لكل ما يحصل.
من وجهة نظر المصادر نفسها، هذا الواقع يراد له أن يكون عامل ضغط لردع الحكومة اللبنانية عن القيام بأي خطوة باتجاه دمشق من جهة، ولدفعها نحو تطبيق مندرجات قانون قيصر من جهة ثانية، ولو كان ذلك شعبياً، كما حصل، يوم السبت الماضي، عند محاولة منع شاحنات تتولى نقل مساعدات مقدمة من برنامج الأغذية العالمي، عبر الترويج إلى أنها جزءاً من عمليات التهريب التي تستنزف الخزينة اللبنانية، في ظل قرار دعم مجموعة من المواد الغذائية والأولية.
في هذا السياق، تكشف مصادر معنية، عبر "النشرة"، أسباب إستخدام مرفأ بيروت لنقل البضائع إلى سوريا من جانب الأمم المتحدة، بالرغم من وجود مرفأي طرطوس واللاذقية، حيث تشير إلى أنها لوجستية بالدرجة الأولى، نظراً إلى ان المستودعات موجودة في حمص، وبالتالي المسافة من بيروت تكون أقرب والتكلفة أقل.
أما بالنسبة إلى أسباب عدم وضع شعار الأمم المتحدة على الشاحنات، فتلفت إلى أن النقل يتم عبر شاحنات شركة خاصة وليس عبر شاحنات تابعة لها، وهي تتولى شحن البضائع إلى الحدود اللبنانية السورية، حيث يتم نقلها بعد ذلك إلى أخرى تابعة للأمم المتحدة، كما أن الشعار يوضع في مناطق النزاعات، الأمر الذي لا ينطبق على الواقع اللبناني.
بالعودة إلى المصادر السياسية في قوى الثامن من آذار، هذه الضغوطات سترتفع على نحو مضطرد في الأيام المقبلة، خصوصاً مع بدء مصرف لبنان ضخّ الدولارات في السوق بهدف ضبط سعر صرف الليرة، حيث سيتم التركيز على أنها تهرّب إلى الداخل السوري، وتستغرب كيف أن هناك من القوى المحلية من يريد أن يجرّ البلاد إلى أزمة من هذا النوع بهدف خدمة المشروع الأميركي، حيث تشدّد على أن لبنان الرسمي لا يمكن أن يكون بهذا الموقع بأي شكل من الأشكال.
في المحصّلة، العناوين السياسية الخلافيّة، لا سيما سلاح "حزب الله" والعلاقات مع سوريا، ستكون الحاضر الأبرز في المرحلة المقبلة، إنطلاقاً من الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية التي قد تزداد تدهوراً، مع ما يحمله ذلك من إحتمال إرتفاع مستوى التوتر في الشارع.