قُبيل ساعات من دخول قانون “قيصر” لحصار سورية حيّز التنفيذ، حدّد الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله “توقيت” إطلالته المُتلفزة ليل الثلاثاء الفائت، ليوجّه رسائل غير مسبوقة الى “رُعاة” حرب التجويع- الحرب الإرهابيّة الجديدة ضدّ سورية، والتي تطال بتداعياتها ايضا الشعب اللبناني بشكل كبير، واضعا هذه الحرب في مواجهة حقل الغام سيكون من الصّعب على الإدارة الأميركية ومن خلفها “اسرائيل” تجاوزه لتحقيق اهدافهما، خصوصا انه لوّح ب”معادلة مهمة وخطيرة” رفض الكشف عنها، وتركها لغزا محيّرا ومربكا في اروقة واشنطن وتل ابيب.
وفق ما نقله مصدر في وكالة “تاس” الروسيّة، فإنّ “ليل الرسائل السّاخنة” خرقته تحذيرات عالية الجدّية مرّرتها مراسَلة للسفير الرّوسي في تل ابيب، من انّ عقوبات “قيصر” على سورية وخطّة ضمّ اراضي واسعة من الضّفة الغربيّة المُزمع البدء بتنفيذها الشهر القادم، سيكون لهما تداعيات خطيرة جدا على “اسرائيل” نفسها، مُسديا نصائح لرئيس الحكومة وقادة تل ابيب، بالتوقّف مليّا وباهتمام امام رسائل نصرالله، وتجنّب ايّ استفزاز جوّي جديد ضدّ سورية “لأنّ هذه المرحلة مختلفة تماما”.
جاء “توقيت” دخول قانون “قيصر” حيّز التنفيذ- والذي يصل بعقوباته على سورية وضمنا حزب الله في لبنان الى الحدّ الأقصى، على مقربة من بدء تنفيذ “اسرائيل” لخطّة ضمّ أجزاء واسعة من الضفّة الغربية، والتي قوبلت بتحذيرات داخليّة من انها ستواجه انتفاضة فلسطينيّة لا تشبه سابقاتها، وانّ المحور الداعم للفصائل الفلسطينية بدءا من طهران، مرورا بسورية، ووصولا الى حزب الله، لن يقفوا مكتوفي الأيدي عند اندلاع الإنتفاضة المرتقبة..
حُدّد البدء بتنفيذ عقوبات “الحرب الجديدة” لتحقيق جملة اهداف اوّلها”تكبيل” ايدي سورية وحلفائها خصوصا حزب الله في لبنان، بأزمات داخليّة معيشيّة خانقة، تمنعها من مدّ يد العون للإنتفاضة الفلسطينيّة عند اندلاع المواجهات ردّا على عمليّة الضمّ، والأهمّ إحداث شرخ كبير بين فئات الشعب السوري وقيادتها، وعلى رأسها الرئيس بشار الأسد، حيث يبدو واضحا انّ واشنطن بدأت باكرا في التحضير للإنتخابات السورية العام القادم و”التجهيز لما بعد الأسد”، كما تأليب الشعب اللبناني على حزب الله وسلاحه، وتحميله وزر معاناة اللبنانيين المعيشيّة، وهو ما ظهر بوضوح يوم السادس من الجاري، حين تحرّكت جماعات داخليّة تأتمر بالتوجيهات الأميركية ورفعت شعار “اسقاط السلاح”، ارفقته بشكل ممنهج بتمرير شائعات مذهبيّة وعمليّات شغب غير مسبوقة في وسط بيروت وعاصمة الشمال، على وقع حرب ضروس استهدفت القيمة الشرائيّة لليرة اللبنانية التي انهارت امام الصعود الجنوني للدولار الأميركي!
والأخطر انّ المشهد المتفلّت الذي كاد ان يدفع لبنان الى الإنزلاق في اتون الفوضى الشاملة، بهدف قلب الطاولة على حزب الله وسلاحه، تمّ التمهيد له بحراك اممي مشبوه قاده الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش – المعروف بارتهانه للإدارة الأميركية، حين اعلن في تقريره التمهيدي حول دور القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان، نيّة التوجّه لفرض “تعديلات” جديدة على دور ومهام تلك القوات..بما يعني الإتجاه لمرحلة مختلفة وخطيرة تجاه حزب الله.
تلقّف حزبُ الله الرسائل الأميركية ومن خلفها “الإسرائيليّة” جيدا: “السلاح أو الجوع”. وبرشقة تهديدات غير مسبوقة، بادر امينه العام الى الرّد على تلك الرسائل بأخطر منها: “لن نجوع ولن نترك السلاح” متوّجا ردّه بعبارة “نحن من سيقتلك” والتأكيد عليها لمرّات ثلاث.. ليبرز واضحا انّ السيّد نصرالله فتح مرحلة جديدة بلسان محور المقاومة مجتمعا، أقصت مرحلة الدّفاع للتوجّه الى الهجوم.. فطالما انّ الحرب الإرهابيّة الجديدة هي حرب تجويع لسورية ولبنان معا، فلتكن الفوضى في كلّ المنطقة.. وضمنا “اسرائيل”.
بحسب معلومات نُقلت عن شخصيّة امنيّة لبنانيّة وُصفت ب “الهامّة”، فإنّ سورية وحلفاءها قرّروا اللعب في “عقر الدّار الإسرائيليّ”، والنّفاذ من خلاله الى قلب الطاولة على حرب التجويع الجديدة والإنتصار عليها، على وقع تسريبات صحفيّة ألمحت الى انّ “اسرائيل” التي تُهيّئ الأرضيّة عبر عقوبات قيصر على سورية، للمباشرة بعمليّة قضم اجزاء واسعة من الضفّة الغربيّة، ستكون بعد اسابيع قليلة بمواجهة “عاصفة” صاروخيّة متزامنة من غزّة وسورية وجنوب لبنان. وهو نفسه ما حذّر منه تشاك فرايليك-النائب السابق لمستشار الأمن القومي “الإسرائيلي”، مُنبّها من انّ قرار الضمّ سيُفضي حتما الى اندلاع حرب مع “اسرائيل” على الجبهات الثلاث مجتمعة، قبل ان يشدّد موقع “والاه” العبري يوم الأحد الفائت، على ضرورة الحذر من انّ الوضع في غزّة سيكون” قابلا جدا للإنفجار”!
وفيما كشفت التسريبات نقلا عن قائد ميداني في سورية وصفته ب “رفيع المستوى”، تأكيده انّ مرحلة المواجهة السوريّة لعقوبات قانون “قيصر” لن تخلو من حدث امني كبير في الشمال السوري رغم التحذيرات الأميركية عالية النّبرة التي وجهتها للقيادة السوريّة من مغبّة “استكمال مهماتها العسكريّة ضدّ الجماعات الإرهابية، والمقصود منها منع الجيش السوري من اطلاق عمليّة تحرير ادلب، او التوجّه شرقا حيث معاقل القوات الأميركية وأدواتها الكرد الإنفصاليّين..نُقل عن مرجع دبلوماسي في بيروت، اشارته الى انّ حلفاء سورية بدأوا بالإلتفاف على قانون “قيصر” حتى قبل ان يدخل حيّز التنفيذ، لافتا الى انّ طهران وبكين وموسكو باتوا اشبه بخليّة نحل لإدارة المواجهة الجديدة الى جانب دمشق..
الا انّ أهم ما ألمح اليه المرجع المذكور بحسب التسريبات، يُفيد بأنّ الأسابيع المقبلة ستكون حافلة بالتطورات المفاجئة والمتلاحقة في المنطقة، تُتوّج بإنجاز “استراتيجي” غير مسبوق لحزب الله يُجبر الإدارة الأميركية الى اتخاذ قرار “صادم” يأتي بمنزلة “هدف ذهبي” لصالح سورية ولبنان، ويشكّل باكورة مفاجآت محور المقاومة في الحرب الإقتصادية الجديدة!