أشار الوزير السابق فارس بويز الى أنه كان "أول من اقترح على جمهورية الصين الشعبية عام 1992، عندما قمتُ بزيارة رسمية إليها، كوزير للخارجية في الحكومة اللّبنانية آنذاك، اعتماد لبنان كممرّ اقتصادي لتجارتها باتّجاه الدول العربية، وكمستودع كبير لبضائعها في طريق تصديرها الى باقي الدول، نظراً الى موقعه الجغرافي، والتسهيلات المصرفية الموجودة فيه، في ذلك الوقت".
وفي حديث الى وكالة "أخبار اليوم"، لفت بويز إلى أن "السنوات مرّت في ما بَعْد، وكرّرتُ هذا الطرح مراراً خلال لقاءاتي مع المسؤولين الصينيّين في الخارج، ولم يحصل أي شيء من هذا حتى الساعة. وهذه ليست صدفة، وذلك لأن الصين الشعبية، وإن كانت أصبحت جبّاراً إقتصادياً كبيراً اليوم، إلا أنها لم تسلك طريق القيادة الإقتصادية أو السياسية العالمية بَعْد".
كما شدد على أن "الصين من أكبر الدول المُصنّعة والمُصدّرة، وربما تتجاوز الولايات المتحدة الأميركية في هذا الإطار، خلال السنوات العشر القادمة، بحسب بعض التقارير. ولكن هذا غير كافٍ لوحده للتعويل على علاقات إقتصادية للبنان معها. فهذا الأمر يحتاج الى قرار سياسي من قِبَلها، بالتوسُّع في العالم، على المستوى الإقتصادي"، معرباً عن اعتقاده بأنها "لم تتّخذ هذا القرار حتى الساعة. وهي لا تزال متحفّظة على إنشاء علاقات توسّعية واستثنائية مع الدول، على سبيل القرار الاستراتيجي".
ورأى بويز أن "من مصلحة لبنان أن يحصل ذلك، لأنه يمرّ بأزمة كبيرة، وعليه ان يدرس كل الطرق التي تمكّنه من تجاوزها. ولكن لا شعور بأن الصين مهتمّة بلبنان في شكل خاص واستثنائي في الوقت الراهن. فهي تهتمّ بتأمين حاجاتها النفطية في العالم، في شكل أساسي، وتتعامل مع الملف الإقتصادي والتجاري التبادُلي بمعايير عادية جداً، وليس بمعايير إستثنائية تجعلها تؤسّس كيانات إستثنائية في دول معيّنة".
وحول ضرورة حصر أي تعاطٍ مع بكين بالدولة اللّبنانية، وعدم جعله ضمن أُطُر خاصّة حتى ولو تمّ التواصُل على مستوى القطاع الخاصّ، أفاد بويز بأنه "يتوجّب على الحكومة أن تدرس هي كلّ الاحتمالات، وأن تنظر الى مصالح البلد، والى إمكانية الانفتاح على الصين الآن، ولا سيّما على مستوى اعتمادها لبنان كمستودع ضخم أو قاعدة تصدير لها، لدول أخرى في المنطقة والعالم، وذلك رغم أن لا شعور واضحاً بأن بكين مهتمّة في الظروف الراهنة، بتأسيس علاقة مستقبلية استراتيجية وتأسيسية مع لبنان، على المستويَيْن السياسي والاقتصادي. ولكن يُمكننا جذبها مثلاً بالاستثمار النّفطي لدينا، وهذا كلّه يعود القرار في شأنه الى الحكومة اللّبنانية".
ونوه بويز بأن "أي توجّه لعلاقات إقتصادية فعليّة، يتعلّق بقرار سياسي، يجب أن يصدر عن الحكومتَيْن اللّبنانية والصينية. وبالتالي، فلا مانع من تعاطي بعض الأفرقاء مع شركات صينية. ولكن هذا يبقى ظرفياً، ولا يؤسّس لعلاقة استراتيجية إقتصادية شاملة بين البلدَيْن، وذات رؤية متكاملة".