لم تكن خسارته للإنتخابات الرئاسية للدورة الماضية في جمهورية الدومينيكان الا عزماً وإصراراً على خوض المعركة الثانية، وها هو يقف على بُعد خطوات من القصر الرئاسي في سانتو دومينغو، بعد ان ربح الجولات التمهيديّة خلال هذا العام، وخاصة بعد ان نال ثقة المدن الكبرى والشباب في البلاد، ما يبشّر بانتصار لبناني آخر، عبر البحار، سيسطّره حفيد المهاجر يوسف ساسين أبي ناضر، لويس أبي ناضر، المرشح الدائم عن الحزب الثوري المتجدّد في جمهورية الدومينيكان، هو من أبرز وجوه الحزب القيادية، الذي أثبت خلال سنوات نضاله، جدارة في القيادة، وحنكة سياسية نادرة كإسمه. يستعدّ الرئيس المقبل بكل حماس لقيادة بلده الذي لم تختلف كثيراً تركيبته السياسة عن تركيبة وطنه الأم. فالدومينكان جمهوريّة تقوم على الخدمات، تعتمد على السياحة بالدرجة الأولى، مع بعض الصناعات والزراعات المحلية، وتجارة مع البلدان المجاورة.
بين الدومينيكان ولبنان قاسم مشترك متمثّل بفوضى الفساد ونسبة عالية من الفقر، حيث تُصنّف الأكثر فساداً بين دول أميركا اللاتينيّة. وفي التفاصيل التي نعرفها ونعيشها كلبنانيين، فإن الشعب الدومينيكي يعيش مشاكل بسبب عدم توفر الكهرباء، كذلك يتعطّش الملايين الى مياه الشرب.
يمارس أبي ناضر سياسة الخدمات الإجتماعية مع أبناء شعبه منذ سنين، وفي زمن الكورونا، نظم برنامجاً أسماه "طريق التضامن"، حيث قدّم الأدوية والإمدادات الطبيّة للضعفاء في كل أنحاء البلاد، وتبرّع بمستشفى متنقّل قادر على خدمة أكثر من مئة شخص.
ابي ناضر العارف بخبايا ومكامن الضعف في بلده، يستعد لتنفيذ برنامج يمكّن الحكومة الدومينيكانية لتخطّي مرحلة الفساد والإنتقال الى جمهوريّة عصريّة تنافس دول اميركا الجنوبية، وقد أعلن عن نيّته في استحداث وزارة جديدة تراقب تنفيذ القوانين.
وعن برنامجه الإصلاحي كشف أبي ناضر انه سينشئ نظاماً للمحاسبة ينهي الإفلات من العقاب والفساد، مع إدارة ماليّة صارمة تحفز الاستثمار، معلقاً أهمّية على الأسواق والتجارة الدوليّة. وأكد انه إنه ينوي اقتراح تجديد الدولة على أساس إعادة تنظيم إدارات شفافة وفاعلة، محورها الرئيسي هو تحقيق رفاهية المواطنين، ومن هنا وعد بالقضاء على المؤسسات المكرّرة أو الزائدة عن الحاجة وتوحيد أنظمة الإدارة الحكومية.
لم يخفِ فريق أبي ناضر انه يستشعر ضغطاً كبيراً، وأزمة معيشية ضاغطة، خلفتها جائحة كورونا في الدومينيكان كما في كل بلاد العالم، ولكن مرشح حزب الثورة المتجدّد، الذي خسر المعركة الرئاسية الأخيرة في البلاد، بفارق قليل مع الرئيس الحالي، يستعد لقيادة دولته من خلال برنامج تحدّثت عنه الصحف البريطانية بأنه قائد مثالي.
تخصّص لويس أبي ناضر في عالم الإقتصاد، في كلية الدومينيكان للعلوم الإقتصادية، هو ابن العائلة "المتنيّة" التي خاضت المعترك التجاري منذ وصولها الى هذه البلاد في منتصف القرن الماضي. فخورٌ بأصله وبأبناء بلده، تزوّج من السوريّة الأصل راكيل عربجي فأنجب ثلاث فتيات. أنشأ مع والده شركة في عالم تطوير الفنادق والمنتجعات السياحية، كما يملك مصنعاً للإسمنت.
إبن الجيل الثاني يتحدث بفخر عن إنتمائه وأصوله اللبنانية. يخبر أبي ناضر عن جدّيه لوالده خوسيه ساسين أبي ناضر وأستير وصّاف كيف وصلا الى جمهورية الدومينيكان عام 1906 من بلدة بسكنتا المتنيّة في جبل لبنان. ككل المهاجرين يقول أن أجدادهم تركوا بلدهم الحبيب لبنان سعياً وراء أفق أوسع وحظوظ أكبر لتطوير أنفسهم، وقد وجدوا ذلك في جمهورية الدومينيكان، هذا البلد المحبّ والجميل، بحسب تعبيره.
يفاخر الرئيس الدومينكاني المقبل المفترض لويس أبي ناضر بأبناء وطنه الأم اللبنانيين في جمهورية الدومينيكان، وعن وصول "جاكوبو مخلوطة عازار" الى رئاسة الجمهورية عام 1982 لمدة 42 يوماً، وذلك بعد انتحار الرئيس أنطونيو غوزمان. ويضيف أبي ناضر: هناك العديد من الأسماء اللامعة المعروفة في الجالية اللبنانيّة بينهم أنخيل عشّي الرسام والممثل والكاتب والمخرج، وسعيد موسى أستاذ الفن التشكيلي، والموسيقار موسى زوين، ومصمّمة الأزياء جيانا عازرا، واللائحة لا تنتهي مع وزير الثقافة السابق طوني رفّول والنائبة الحاليّة في البرلمان المحامية اللامعة فريدا رفول.
زار لويس ابي ناضر لبنان عام 2017 للمشاركة في اعمال مؤتمر الطاقة الإغترابيّة حيث نال تكريماً وكان محطّ أنظار المشاركين لشخصيته الفريدة التي تشبه القادة.
جدّه حمل "الكشّة" (بيع التجوال). والده فتح متجراً. لويس ابي ناضر أغلق نهائيا ستارة على "التوركو" الضعيف الذي يجول تحت حرارة الشمس الحارقة في الدومينيكان، ليفتح صفحة مجيدة في السياسة، لكن هذه المرة... بعيداً عن لبنان.
فهل سيعلن الخامس من تموز الرئيس الخامس من أصل لبناني في اميركا اللاتينية؟.