منذ ما قبل صدور قرار رؤساء الحكومات السابقين، سعد الحريري، فؤاد السنيورة، نجيب ميقاتي وتمام سلام، من المشاركة في اللقاء الوطني في قصر بعبدا، الذي دعا إليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، طرحت الكثير من الأسئلة حول مصلحة تيار "المستقبل"، على وجه الخصوص، في الغياب عن هذا الإجتماع، لا سيما أن من ضمن الأسباب الموجبة له الوضع الأمني في البلاد، خصوصاً بعد أن أطلت الفتنة الطائفية والمذهبية برأسها على وقع التحركات الشعبية في الشارع.
في هذا السياق، يمكن الجزم أن "المستقبل" معني بما حصل، خلال الفترة الماضية في الشارع، ليس على مستوى توجيه الإتهامات، كما يروج البعض، بل على مستوى العمل على تجنب تطور الأوضاع، نظراً إلى أن لديه مصلحة خاصة في هذا الأمر، تضاف إلى المصلحة الوطنية بمنع الإنزلاق إلى أي فتنة أو توتر أمني في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ البلاد.
في هذا الإطار، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن الحريري قد يكون من أبرز المتضررين من حالة الفوضى التي يمر بها الشارع في الوقت الراهن، لا سيما مع دخول أكثر من لاعب على مستوى الساحة السنية، أبرزهم شقيقه رجل الأعمال بهاء الدين الحريري الساعي إلى حجز مكان له في المشهد السياسي، وبالتالي من مصلحته في ظلّ تراجع الحاضنة الإقليمية والدولية الداعمة له أن يسعى إلى تحصين نفسه داخلياً.
بالتزامن، تشدد المصادر نفسها على أن ليس من مصلحة رئيس الحكومة السابق أن يكون على خصام مع العهد، لا سيما أنه لا يزال هناك ما لا يقل عن عامين من عمره، خصوصاً إذا كان يطمح بالعودة شخصياً أو عبر شخصية تحظى بموافقته إلى السراي الحكومي من جديد، نظراً إلى أن أحداً لا يتصور أن يكون ذلك من دون موافقة رئيس الجمهورية، وفي ظل الأوضاع الراهنة، على مستوى المنطقة، لا يستطيع أن يذهب إلى مغامرة من هذا النوع.
في المقابل، تشير مصادر أخرى، عبر "النشرة"، إلى أنه على مستوى قيادة "المستقبل" طغت وجهتي نظر بالنسبة إلى كيفية التعامل مع الدعوة إلى اللقاء الوطني، الأولى ترى أن لا مصلحة بالمقاطعة، لا سيما أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري كان من أبرز الساعين إلى تأمين مشاركة رؤساء الحكومات السابقين، خصوصاً أنه في حال المقاطعة لن تكون المرة الأولى التي يُخذل فيها بري من قبل الحريري، بعد أن كان سعى إلى إقناعه بالعودة إلى رئاسة الحكومة، عندما قدم له "لبن العصفور".
أما وجهة النظر الثانية، فتعتبر أن ليس هناك من مصلحة بالمشاركة في هذا اللقاء، في تكرار لما حصل مع الرئيس السابق إميل لحود، على قاعدة أن التداعيات شعبيا ستكون كبيرة، لا سيما أن أغلب البيئة الشعبية تفضل الذهاب إلى مثل هذا الخيار، وهي في الأصل لم تكن راضية عن التسوية التي قام بها رئيس الحكومة السابق، في الماضي، مع "التيار الوطني الحر".
على مستوى موقف رؤساء الحكومات السابقين، كان من الواضح، منذ ما قبل صدور الموقف الرسمي، عدم رغبة كل من ميقاتي وسلام والسنيورة بالمشاركة، في حين أن الحريري لم يكن راغباً بالذهاب إلى أي خيار من دون موافقة هذا الثلاثي، لكن ما ينبغي التأكيد عليه أن موقفه يختلف عن موقف أي شخصية أخرى، نظراً إلى أنه رئيس أكبر كتلة نيابية سنية من جهة وزعيم التيار السياسي الأكبر من جهة ثانية.
في المحصّلة، لعب موقف كل من ميقاتي وسلام والسنيورة دوراً أساسياً في القرار الصادر عن "المستقبل"، الذي لم يقفل أبواب المشاركة مسبقاً، إلا أن التداعيات، على الأرجح، لن تتوقف عند مصير اللقاء في قصر بعبدا.