في قراءة سريعة للقرارات الأميركية تجاه المنظمة الدولية منذ ثلاث سنوات وحتى اليوم، رأينا كيف رفض الرئيس الأميركي دونالد ترامب الإتفاق النووي المُبرم مع ايران عام 2015، وانسحب من اليونسكو عام 2017، ومجلس حقوق الإنسان عام 2018، ومن اتفاقية المناخ عام 2019 وفي السنة ذاتها اوقف المساعدات الإنسانية للأونروا، وأخيراً ، وربما لن تكون الأخيرة، أوقف الرئيس الأميركي مساهمة الولايات المتحدة في منظمة الصحة العالمية، وحصلت القطيعة.
قرارت جمّة قاطع فيها الرئيس ترامب المنظمة الدولية، التي راحت تراجع حساباتها المالية، وتعمل على تقليص حجم تواجدها ونشاطاتها.
كل هذه الأمور أوحت لكافة الدول بأن الولايات المتحدة لم تعد تهمها المنظمة الدولية، وهي قادرة ان تعمل مع شركائها بنجاح، خاصة بعد تجاوز جائحة كورونا بعيدة عن إرشادات وتوصيات منظمة الصحة العالمية.
وتدور في كواليس الأمم المتحدة اليوم أحاديث حول عرض لحكومة المانيا باستضافة منظمة الأمم المتحدة في عاصمتها برلين، كمركز رئيسي بعد 75 عاماً على تأسيسها. وفي التفاصيل، ان الرئاسة الألمانية، عرضت من خلال خارجيتها مشروع نقل مبنى الأمم المتحدة الى برلين، على ان تجهز الدولة الألمانية مبنى للمنظمة، مع مساكن للموظفين، ضمن ما يسمى مدينة خاصة بالأمم المتحدة.
العرض هزّ مشاعر الأمين العام أنطونيو غوتيريش، فهو من ناحية يتلقى الضربات الأميركية المتوالية، حيث تقطع عنه اميركا المساهمات وتقاطع مؤسسات المنظمة الواحدة تلو الأخرى، ومن ناحية ثانية، هو يفتش عن مموّل جديد يضمن استمرارية المنظمة، كي لا تنتهي كعصبة الأمم عام 1946، بعدما فشلت في حلّ سلسلة من القضايا الدولية مثل فشل مؤتمر نزع السلاح عام 1934، وغيره من قضايا حفظ الأمن والسلم الدوليين، تماماً كما يحصل اليوم في الأمم المتحدة.
الأمين العام أنطونيو غوتيريش يعيش اليوم قلقاً كبيراً بين مطرقة الرئيس ترامب وسندان تداعيات كورونا. وهو في كل الأحوال، يمارس سياسة التراضي واللين، على الرغم من أوجاعه الثقيلة، لربما يحظى برضى الباب الأميركي العالي، وينقذ المنظمة من الإفلاس المالي، مع ان العرض الألماني ساري المفعول.
من ناحية اخرى، يؤكد المراقبون ان الولايات المتحدة لن تسمح في نهاية المطاف بنقل المنظمة الى اي بلد في العالم، لسبب واحد هو ان الدولة المُضيفة تملك القرار والسلطة القيادية، وتقود العالم تحت غطاء ما يسمى بالقرارات الدولية.
سمر نادر
الأمم المتحدة - نيويورك