نجح "اللقاء الوطني" في بعبدا مرة جديدة في إرساء منطق المؤسسات واحترامها وصونها والتي يفترض ان تكون هي الملاذ الأول والاخير للمعارضة وللموالاة، للاكثرية وللاقلية مؤيدي العهد والحكومة وخصومهما، الحراك في الشارع و الناس المترقبة في منزلها.
وتؤكد اوساط واسعة الاطلاع في 8 آذار ، ان إصرار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومعه دعم رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة حسان دياب، على عقد الحوار بمن حضر، كان خطوة صائبة في كسر المحاولات الجدية التي بدأت لعزل الرئيس عون في السنوات المتبقية من الولاية بعد تعرضه لحملة مركزة في الآونة الاخيرة. واسقاط عون او اي رئيس جمهورية في الشارع هي سابقة ولم تحصل مسبقاً، ولا استقالة لرئيس الجمهورية الا باستقالته هو او لا سمح الله بالرحيل عن هذه الدنيا.
وتشير الاوساط الى ان كل المواقف التي صدرت من المعارضة السنية والمعارضة المسيحية والشخصيات التي قاطعت الحوار وروجت انها بالمقاطعة ووضع "فيتو"، تهمش العهد والاكثرية وتعزلهم في بوتقة المراوحة والعجز حتى عن عقد اجتماع وطني للتباحث في قضية البلد وانقاذه قد سقطت. اذ انها تحدثت بمنطق ان حضور المكون السني: الرئيس سعد الحريري والرؤساء السابقين للحكومة والدكتور سمير جعجع والنائب سامي الجميل ووالده الرئيس امين الجميل، يعطي شرعية وغطاءً مسيحياً وسنياً ووطنياً للعهد والحكومة ويعوم السلطة، كلام ليس في محله وغير مقبول ويخدم المخطط الرامي الى محاصرة الرئاسة الاولى والاكثرية والحكومة ومجلس النواب.
وتقول الاوساط ان وضع البلد والسلطة امام خيارين لا ثالث لهما: إما الاستسلام لاميركا، وإما الفوضى. وهو منطق لن يوصل الى نتيجة لان ما تقوم به الولايات المتحدة من حصار للبنان ومنع تدفق اي قروض او مساعدات، وحتى منع شحن اي دولارات لاشباع السوق يخنق الشعب قبل اي طرف ثاني قبل الحكومة وقبل "حزب الله".
وتؤكد ان ما قاله الدكتور جعجع عن رفع الغطاء عن العهد والحكومة وما قام به المعارضون من مقاطعة للحوار ولمحاولة افشاله، يؤكد التماهي مع المخطط الاميركي لحصار لبنان وتجويع شعبه.
وتكشف الاوساط ان كل الخيارات باتت مرة وصعبة، وكل الدروب مغلقة امام حكومة الرئيس حسان دياب. اكان من قروض صندوق النقد او اي مساعدة خارجية من او قروض من اي دولة اوروبية او فرنسية او عبر اي دولة خليجية صديقة كالكويت وقطر، فكلها سقطت في ظل وجود
فيتو اميركي. ولم يعد بالامكان الحديث عن اي تدفق لمال خارجي طالما اصر الاميركي على حصاره.
وتلفت الى ان كلام وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو ومساعده ديفيد شينكر يؤكد فرضية الموت البطيء اقتصادياً ومالياً للبنان وذهابه الى الفوضى تدريجياً في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار وعدم القدرة على ضبطه. اولاً لعدم قدرة الحكومة في الفرض على مصرف لبنان وحاكمه لضبط الدولار، وثانياً لعدم وجود السيولة الكافية لتهدئة السوق وضخ الكميات المطلوبة من الدولار.
ولا تخفي الاوساط ان الامور ذاهبة الى مزيد من التأزم الاقتصادي والمالي رغم وجود الارادة الصادقة لدى الحكومة للقيام بتحرك انقاذي ضمن الامكانات المتاحة، مع توقع اننا ذاهبون الى تدهور كبير لقيمة الليرة اللبنانية وهو ما سيعقد الامور في الشارع وفي وجه الحكومة واحتمال دخول مدسوسين على خط التظاهرات والتي قد تعم لبنان.