توقّف "ملتقى التأثير المدني"، في لقائه الإلكتروني العاشر بعنوان "الإنسداد في المشهد العام"، عند "غياب التدابير الحكوميّة الجديّة لوقف النزف"، مُستهجنًا "ما يُسمّى "سياسات الدعم" الّتي أَظهرت أنّها لم تكن سوى سند لـ"النيو – اقطاع" السياسي الاقتصادي الّذي تكرّس في العقدين الأخيرين، ونزيفًا لما تبقّى من قدرات اللبنانيّين وأموالهم، وسط عجز يوحي أنّ السلطة لا تملك أدنى فكرة عن المفاهيم البدائية في علم الاقتصاد".
وأجمع المشاركون على ما يلي:
"-المؤسّسات الدستورية هزيلة وسلوكها يشوبه الإخفاق في إيجاد حلول للأزمة، ولاسيما مع غياب دور رئاسة الجمهورية "الحكم" بين الأفرقاء، وتراجع دور مجلس النواب "الممثّل الأوّل للشعب"، وتحوُّل مجلس الوزراء إلى "كاتب عدل" يصادق على قرارات قلّة من الزعماء، ويأتمر بأمرهم.
-السلطة أَسقطت شرعيّة البرلمان حينما أحاطت بـ"جدار الفصل" وسط بيروت، فانفصلت بإرادتها عن الشعب وعن الثورة، وأسقطت شرعيّتها. أمّا الحكومة فبلغت أفقًا مسدودًا وهي محاصَرة ومقاطَعة من الداخل والخارج، من دون أدنى إمكانيّة للقيام بأي تعبئة دوليّة لمساندة لبنان.
-انعدام الثقة الدوليّة في لبنان وكذلك انهيار الثقة الداخليّة بين الشعب والسلطة، في ظلّ غياب تام لبوادر الإصلاح، أكان على صعيد الحوكمة أم على صعيد القضاء، وسط نزف مالي كبير بسبب ملف الكهرباء.
-التأكيد على أن تبنّي الحلول الداخليّة لن يؤمّن الاستثمارات المطلوبة، لأنّ الإصلاح هو المدخل الوحيد للحل. وها هو ارتفاع سعر الدولار يسجّل زيادات قياسيّة بلغت نحو 300%، وهذا يعكس حجم التسارع في الانهيار الّذي لم تشهده حتّى إيران وفنزويلا، فيما السبب يكمن في غياب الثقة.
-الثورة استطاعت أن تفكّك المنظومة السياسيّة، والدليل على ذلك تخبّط السلطة في ما بينها، وآخر تجليّاته التحضيرات للقاء بعبدا. لكن في الوقت نفسه، يجب الاعتراف أنّ الثورة غير قادرة على تغيير الوضع في غضون 6 أشهر، وبالتالي فإنّ التوقعات المتسرّعة أدّت إلى إحباط الناس.
-ارتفاع سعر صرف الدولار بمقدار 500 أو 1000 ليرة يوميًّا، ربما يتسبّب بواقع أمني مستجد وخطر لا يخلو من الاعتداءات والسرقات، وصولًا إلى ظهور قوى أمر واقع أو أمن ذاتي في المناطق.
-خطر نضوب احتياط المصرف المركزي والذهاب نحو الانهيار التدريجي. ولا شك أنّ المواطنين يدركون ذلك ما يفسّر تهافتهم على ابواب الصرافين للحصول على الدولار من أجل حماية ما تبقى من القدرات الشرائية لرواتبهم ومدخراتهم".
أمّا في التوصيات، فقد أجمع المشاركون على النقاط التالية:
"-المطلوب طرح البدائل والسير بها سريعًا قبل بلوغ الانفجار الاجتماعي الّذي بدأ يلوح في الأفق.
-التأكيد على أنّ غياب الإصلاحات سيعني حُكمًا غياب الاستثمارات والمساعدات من الخارج، وبالتالي الانهيار.
-العمل على تحرير القضاء من قبضة السلطة السياسيّة، وتظهير قانون انتخابات عادل، ينظّم إجراء الانتخالات النيابية المبكرة المفترضة.
-استقالة الحكومة وتشكيل أُخرى تدير الأزمة، على أن تكون مصغّرة وتتمتّع بصلاحيّات استثنائيّة.
-دعوة إلى التكاتف بين مجموعات الثورة ضمن رؤية موحّدة إلى حين بلوغ موعد الانتخابات النيابية، وذلك من أجل تحقيق أكبر عدد ممكن من المقاعد النيابية. مع التحذير من الانتظار طويلًا إلى حين تشكيل جبهة ثورية موحّدة، لأنّ ذلك سيعرّض الثورة إلى المزيد من المخاطر.
-خلق جبهات سياسية متجانسة، عبر إقرار أوراق سياسيّة وماليّة تهيّئ لبديل سياسي جدّي يفوز بالثقة الداخليّة أوّلًا، ثمّ الثقة الخارجيّة. في حال فشل خيار تنظيم الثورة بشكل موسع، لا ضرر من الاستمرار بتنظيم انتفاضات صغيرة متفرّقة تَعتمد قضم المطالب.
-ضرورة رسم الأولويّات ودراسة الخيارات القابلة للتنفيذ في إطار البحث الجدّي عن سبل ضبط سعر صرف الدولار.
-البحث بجديّة إن كانت "اللامركزية الإدارية" حلّ جيّد، لتفكيك "الألغام الطائفيّة" بين اللبنانيّين ولصقل المواطنة الفعليّة".