تفاجأ الكثيرون بمشاركة الحزب التقدمي الإشتراكي بلقاء بعبدا الحواري الذي دعا اليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وسط مقاطعته من قبل رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس تيار المرده سليمان فرنجية ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل. وراح البعض يفسر والبعض الآخر يحلل مشاركة النائب تيمور جنبلاط كرئيس لكتلة اللقاء الديمقراطي، وقد ذهب البعض في تحليله بعيداً كي يقول لقد أصبح رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط أقرب إلى حزب الله ورئيس الحكومة حسان دياب من الحريري وجعجع والجميل وكل من يدور بفلك ما كان يعرف بـ"قوى ١٤ آذار". ما قاله البعض من تفسيرات وتحليلات لا يتلاقى أبداً مع تفسيرات الحزب التي تعتبر أن "مشاركة الحزب بلقاء بعبدا وبغض النظر عن نتيجته جاءت إنطلاقاً من قناعته التاريخية والثابتة بمنطق الحوار ومن مناداته الدائمة بضرورته بين الأفرقاء وبالتالي، عندما ينادي الحزب فيه وتتم الدعوة إليه ولو على قاعدة الإختلاف، من غير المنطقي أبداً ألا يشارك".
مصادر الحزب الإشتراكي ترى أن "المشاركة وعلى رغم المقاطعة الواسعة التي منعته من تحقيق أهدافه، تبقى أفضل بكثير من المقاطعة لأن اللبنانيين محكومون دائماً بالحوار فيما بينهم فكيف إذا كانت الدعوة تحت عنوان درء الفتنة وعدم تفجير الوضع الأمني"؟.
ترك تيمور جنبلاط لقاء بعبدا قبل البيان الختامي يقول الإشتراكيون لأن الحزب قدم ورقة سياسية ميثاقية متكاملة ضمّنها وجهة نظر الحزب من الأمور المطروحة، وأعاد التذكير بعدد من القضايا الأساسية كسلاح المخيمات وسلاح حزب الله، إنطلاقاً من نتائج الحوارات السابقة، التي إنتهت الى ضرورة البحث بالإستراتيجية الدفاعية، التي وعد رئيس الجمهورية بطرحها على طاولة حوار بعد إنتهاء الإنتخابات النيابية عام ٢٠١٨، وهي لم تطرح بعد حتى اليوم على رغم مرور حوالي ثلاث سنوات.
أكثر ما يثير إستغراب قيادة الحزب الإشتراكي هو تفاجؤ الأفرقاء الذين قاطعوا لقاء بعبيدا بمشاركة الحزب الإشتراكي وهنا يطرح الإشتراكيون السؤال على المقاطعين، "هل أنتم في جبهة سياسية واحدة أم تتعاملون مع بعضكم البعض على القطعة؟ وعلى رغم التقاطع الإيجابي بيننا، أليس لكل حزب أو فريق قراءته الخاصة ومقاربته الخاصة للملفات"؟.
بالنسبة الى الوضع الأمني فهو خط أحمر بالنسبة الى الحزب الإشتراكي، وأي محاولة للتلاعب فيه أكان عبر قطع الطرقات أو غيرها فهو لن يتبناها لا من قريب ولا بعيد، وإذا كان الحوار مفتوحاً وبشكل دائم بين الحزب الإشتراكي وحزب الله فأساس هذا الحوار هو الوضع الأمني، ولكن هذا لا يعني أبداً أن الأوّل لا يتطرق الى سلاح الحزب والدليل في الورقة التي قدمها في اللقاء.
تمايز جنبلاط في لقاء بعبدا الأخير عن حلفائه السابقين ليس الأول من نوعه ولن يكون الأخير ما دامت المرحلة تتطلب معارضة بنّاءة مع الحكومة، حتى ولو توترت الأجواء أحياناً مع مكوناتها على خلفية بعض الملفات كالتعيينات وغيرها. المرحلة تتطلب الكثير من الوعي والحوار، ولا شيء غيره، مرحلة إصطفاف ١٤ آذار إنتهت، يقول الإشتراكيون، وأساس المرحلة المقبلة هو في تفعيل المؤسسات الدستورية والبدء بالإصلاحات أولاً وثانياً وثالثاً.