لم يعد الحديث عن إحتمال حصول تغيير حكومي في لبنان مجرد تحليلات أو تكهنات فقط، بل بات واقعاً يُعبر عنه أبرز الداعمين لحكومة حسان دياب، الذين يتحدثون عن حد أقصى لبقائها قد يصل الى شهرين، نظراً إلى علامات الإستفهام الكثيرة التي باتت تُطرح حول أدائها.
في الماضي، طُرحت العديد من السيناريوهات لإعادة الروح إلى هذه الحكومة، أبرزها إجراء تعديل وزاري يتضمن إدخال عدد من الشخصيات السياسية إليها، إلا أن هذا الطرح لم ينجح في التحول إلى أمر واقع، في ظل الضغوط الإقتصادية والمالية والإجتماعية التي تزداد يوماً بعد آخر، في حين أن خيار الذهاب إلى حكومة مواجهة قد يكون من المستحيلات.
في الأيام الماضية، طغى على المشهد عاملين أساسيين، الأول كان ذهاب أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله إلى رفع سقف المواجهة مع الولايات المتحدة، عبر تحميلها مسؤولية تجويع اللبنانيين، أما الثاني فكان رد السفيرة الأميركية لدى دوروثي شيا، الذي تلاه القرار الصادر عن قاضي الأمور المستعجلة في صور محمد مازح.
وسط هذه الأجواء، تؤكد مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، أن هناك فريقاً يعمل على إنضاج حل ما لم يكتمل بشكل نهائي بعد، ينطلق من الذهاب إلى تشكيل حكومة غير سياسية برئاسة شخصية تشبه شخصية رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، الذي جاء نتيجة تسوية إيرانية-أميركية، وتشير إلى أن خطوط التواصل بين طهران وواشنطن قائمة، وبالتالي من الممكن الوصول إلى تسوية ما في الملف اللبناني، وتؤكد أن من أبرز الأسماء المطروحة النائب السابق لحاكم مصرف لبنان محمد البعاصيري.
وتلفت هذه المصادر إلى أن المعلومات عن جهود فرنسية وأميركية على هذا الصعيد دقيقة، نظراً إلى أن لباريس مصلحة في عدم تفجير الأوضاع اللبنانية بشكل كامل، بسبب التداعيات التي قد تترتب على ذلك، وتوضح أن الجانب الفرنسي يعمل في هذا المجال مع الجانبين الأميركي والإيراني، لإنضاج الظروف المؤاتية لتغيير حكومي، من الممكن أن يفتح الباب أمام معالجة الواقع اللبناني الصعب، أو الحد من التدهور بإنتظار الإتفاق الأميركي الإيراني الشامل، الذي قد يأتي بعد الإنتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.
وتشير المصادر نفسها إلى أن المطروح هو أن تضم حكومة بعاصيري ما بين 4 أو 5 رجال أعمال لبنانين، وتوضح أن ما تقدم يأتي في إطار ما يمكن تسميته بالتسوية المرحلية.
السؤال الأساسي قد يكون حول موقف "حزب الله" من هكذا تسوية، الأمر الذي ترفض المصادر السياسية المطلعة الجزم بإحتمال قبوله أو رفضه، لكنها تشدد على أن أي رئيس حكومة لن يذهب إلى مواجهة مع الحزب، خصوصاً أن الأخير لديه أكثرية نيابية في المجلس النيابي قادرة على إسقاط أي حكومة لا تحظى بموافقته، وبالتالي هو قد لا يمانع تشكيل حكومة غير سياسية في حال كانت قادرة على معالجة الوضع الداخلي، مع العلم أنه ليس ممثلاً بصورة مباشرة في الحكومة الحالية بل عبر أصدقاء، وهذه الحكومة في الأصل أثبتت، في أكثر من مناسبة، عدم دقة توصيفها بـ"حكومة حزب الله".
في الختام، تجزم هذه المصادر بأن الطرح أكثر من جدي، بإنتظار ما ستكشفه الأيام المقبلة من إحتمال تحوله إلى أمر واقع، وتشير إلى أن البعاصيري نفسه يتعامل مع هذا الطرح بجدية.