عندما تمسك الفريق الشيعي بسعد الحريري رئيسا للحكومة، كان الهدف "الهروب" من الفتنة المذهبية، والتي تتجلى عند كل مفترق طرق يمر به الوضع في لبنان، وقد شهدنا ذلك مؤخرا في شوارع بيروت، وقد عُقدت لاجل المحافظة على السلم الأهلي لقاءات واجتماعات، آخرها كان "لقاء بعبدا" الوطني، ولكن ما حصل بعده يقدّم مؤشرات سلبية عديدة.
انتهى لقاء بعبدا نهار الخميس، فأقفلت طريق الجنوب نهار الجمعة، بطريقة غريبة، لمدة 7 ساعات، كذلك لم يتم الاكتفاء بالأوتوستراد الرئيسي، بل تم التضييق على الطريق البحرية، ما حوّل حياة المواطنين على الطرقات الى جحيم، كاد أن يتحول الى صراع مذهبي على وسائل التواصل الاجتماعي، كذلك لا يمكن عدم التوقف عند خبر مهم جدا، ولو أنه مرّ مرور الكرام في ذلك النهار، وهو حديث بعض وسائل الإعلام عن طائرة مسيرة قام حزب الله بتسييرها فوق منطقة قطع الطريق الساحلي بالجيّة.
وفي نفس الوقت، كان لافتا تصريح السفيرة الاميركية في بيروت دوروثي شيّا، حيث حمّلت فيه حزب الله مسؤولية الأوضاع الاقتصادية الصعبة في لبنان، مما خلق شرخا مع الضجة التي اثيرت حول تصريحها، وبعدها بساعات قليلة فجّرت قناة العربية الحدث خبرا من العيار الثقيل، وهو انفجار صاروخ في البقاع على بعد 500 متر من موكب رئيس الحكومة السابق سعد الحريري خلال زيارته للمنطقة، ومن ثم الحديث عن طائرة مسيّرة كانت تلاحق موكب الحريري، في تصويب جديد على حزب الله، على اعتبار انه الطرف الوحيد الذي يملك هذه التقنيات في لبنان.
إن هذه الأحداث ليست منفصلة عن بعضها البعض، وترتبط أيضا بكل محاولات خلق القتنة في شوارع بيروت منذ أسابيع، تقول مصادر سياسية مطّلعة، مشيرة الى أن تسريب الخبر عن الحادث الذي حصل بالقرب من رئيس الحكومة السابق بالبقاع بعد 11 يوما من وقوعه، يعني أن هناك من انتظر اللحظة المناسبة لتسريبه، علما أن المعلومات تشير الى أن التسريب جاء من بيت الوسط، لقناة العربية، وهذا لوحده يقدم دلالات واضحة، وبالتالي إن كل هذه الاحداث، التي تدور حول الفتنة المذهبية، والتي هي أكثر ما يخشاه حزب الله، تريد زيادة الضغط على الاخير، وتوجيه رسالة واضحة تقول بأن التصعيد من قبل الحزب سيؤدي لأخذ البلد الى آتون الفتنة.
كذلك بالنسبة الى ملف الطائرات المسيرة، اذ ترى المصادر أن التصويب على حزب الله في هذا المجال لا يمكن أن يكون بريئا، اذ أن ربطه بالطائرات المسيرة يؤدي الى أمرين، الأول ربطه بأي طائرة مقبلة، قد تنوي القيام بأي عمل تخريبي، والثاني "إعلان حرب" على هذا السلاح النوعي بيد الحزب.
وتضيف المصادر: "أن يترافق خبر استطلاع حزب الله لمنطقة الجية، مع خبر استهداف موكب الحريري بطائرة من دون طيار عليها عبارات طائفية تساعد على توجيه الإتهامات للحزب، ليس محض صدفة"، مشيرة الى أن هذا التزامن، يمكن أن يُفهم على أنه تحضير لعمل امني مقبل، وربط هذا الملف بالحزب، يعني وجود نية لتوريطه، وفتح جبهة جديدة بوجه هذا السلاح النوعي الذي يمتلكه الحزب. وفي تذكير سريع، فإن هذا السلاح الذي استخدمه الحزب للمرة الأولى في عام 2004 لمدة 20 دقيقة لاستطلاع بعض المستوطنات الإسرائيلية وكان يحمل اسم طائرة مرصاد، ومن ثم أعلن الحزب عن استخدامها عام 2012 ضد اسرائيل أيضاً بعد تطويرها وحملت اسم أيوب (على اسم مؤسس هذا القطاع في الحزب)، قبل ان يطورها ويستخدمها مجدداً في المعارك السورية وفوق الجولان تحديداً وباتت تحمل اسم شاهد.
تتزايد الضغوطات على حزب الله في لبنان، وتتسارع الأحداث، ويبدو أن الأزمة اللبنانية قد وُضعت على نار حامية، فهل تغلي، أم تُطفأ النار تحتها؟.