اعتبر المفتي الجعفري الممتاز سماحة الشيخ أحمد قبلان في رسالة الجمعة لهذا الأسبوع أن "القضية هي قضية بلد مكروب، وشعب مكروب، يقتل بطريقة العمد وبشتى الوسائل الاقتصادية والتجويعية، دون أن يرف جفن لهذه السلطة ومعها المسؤولين والمعنيين وكل هذا الطاقم السياسي الذي يكاد يكون غائباً عن السمع، وربما يكون البعض فرحاً بمشهدية آلام الناس وجروحهم التي قد لا تندمل، وهذه السلطة على غيّها من الفساد والنهب ولا حلول لديها سوى التنظير وإطلاق الشعارات والأشعار وكيل الاتهامات من هنا وهناك وبكل الاتجاهات".
وأضاف سماحته:"لقد بُحت الأصوات ونحن ننادي وندعو ونطالب ونقول للجميع: البلد على شفير الهاوية، انتبهوا، اذهبوا إلى الإصلاح، ابنوا دولة، ضحوا، تنازلوا عن أنانياتكم وعن جبروتكم، البلد بلدكم إذا سقط سقطنا وسقطتم، اتركوا مصالحكم، انحازوا لمشروع إنقاذ البلد على قاعدة الاصطفاف الوطني وليس الاصطفاف الطائفي والمذهبي والمناطقي، تكررت مناداتنا ومناشداتنا ولكن للأسف لا حياء ولا حياة لمن تنادي، البلد والناس في مكان والسلطة والسياسة في مكان آخر، وكل ما نسمعه وما نشاهده ما هو إلا مناظرات وروايات ومشاريع وهمية ومواقف تحريضية ونعرات وصراع مصالح وتحقيق أهداف وغايات وزبائنيات وتصفيق من هنا وهناك، فيما البلد يتهاوى وينحدر، إلى أن وقعنا في الهاوية، الناس جاعت وأفلست بل أفلسوها، والدولة وكل مؤسساتها في حالة الشلل التام، والدولار ومن يلعب لعبته حدّث ولا حرج، والحصار والعقوبات من كل حدب وصوب، البلد بإنسانه وبدولته وبكل حيثياته ووجوده وكيانه في دائرة الخطر الشديد ويتعرض لأبشع أنواع الإبادة المقصودة والمتعمدة فيها الأمريكي والصهيوني والعربي والغربي والتركي، كلهم يمارسون الانتقام بأحقاد موصوفة بخلفية تجويعنا أو إخضاعنا لشروطهم ولمشاريعهم، والقبول بما يفرضه صندوق النقد الدولي وكل من يدور في فلكه من مؤسسات مالية ودول خاضعة للإدارة الأمريكية وتعمل بإشاراتها ووفق ما تمليه من أوامر تخدم الكيان الصهيوني ومصالحه وأولوياته".
وأشار سماحته إلى أن "البلد مكروب، البلد في الحضيض، فأين أنتم أيها السياسيون من قول أمير المؤمنين علي(ع):"أغيثوا المكروب"، إخوانكم في الوطن والمواطنة يستغيثون، معدومون، أذلاء أمام المصارف التي نهبت أموالهم بالشراكة مع أهل السلطة. لقد سقطت كل الأقنعة، واللعبة باتت مكشوفة أمام دولة أفلستموها ومؤسسات دمرتموها، ومواطنون يصرخون جوعاً وفقراً وبطالة، وحكومة الله يكون بعونها "تدور حول نفسها" ما بيدها حيلة، حكومة ضعيفة وسط غابة من ذئاب السياسة".
وأشار المفتي قبلان إلى أن "لبنان بأسره كياناً ودولة وشعباً في قلب عاصفة أمريكية صهيونية غربية عربية تركية، ومعها كل الوسائل الإعلامية والأمنية والمالية والاقتصادية تلعب لعبة الموت مع اللبنانيين جميعاً مسلمين ومسيحيين، نحن أمام معركة وجود حقيقية في مواجهة أعداء قلوبهم قاسية هي كالحجارة بل أشد قسوة. فلتكن المواجهة بالصبر أولاً، وبالوحدة وليس بالانقسام، وبالحفاظ على السلم الأهلي وليس بالفتنة، بالتلاقي وليس بالأحقاد، بتقديم التنازلات وليس بالانحياز ولعبة الحصص والارتهان للخارج". مؤكّداً أن "المطلوب الآن وبإلحاح شديد من هذه الحكومة أن تضع جهدها في مواجهة تجار الطاقة والمواد الغذائية والمواد الأولية والكيانات المالية والنقدية والاندفاع بقوة نحو الاستيراد المباشر، بعيداً عن شيطان الروتين. فالشعب اللبناني اليوم في مركب واحد، وانتظار الآخر يعني كارثة، صندوق النقد الدولي غرفة عمليات أمريكية – يهودية، تريد شراء الوقت لتجويع شعبنا وناسنا وإبادة وجودنا، لذلك يجب أن ننتفض لمنع لعبة الداخل، فلن نقبل بفدرالية لا اقتصادية ولا سياسية، ولن نقبل بمربعات أمنية، ولن نقبل بغرف قطع طرقات على طريقة خطوط التماس، ولن نقبل إلا لبنان المواطنة ودولة العيش المشترك، دولة للجميع دون خطوط تماس، لأن هناك من يعمل على تقسيم البلد أمنياً واقتصادياً وجغرافياً بجرعات مدروسة وقوية. كفانا بكاءً على الأطلال، فما مضى قد مضى، ولنبدأ صفحة جديدة ببناء دولة ووطن لكل أبنائه".