في كل زاوية من زوايا الوطن مشكلة، وفي كل ملفّ ازمة تواجه اللبنانيين في المرحلة الصعبة التي يمرون بها. في العام الماضي شكّل إضراب أساتذة الجامعة اللبنانية ضربة قوية للطلاب الذين أرادوا السفر الى الخارج لاستكمال تحصيلهم العلمي، فضاعت على بعضهم الفرصة، وتمكن البعض من استلحاق نفسه بعد جهد كبير. هذا العام لن تكون الأمور أسهل على الطلاب الراغبين بالسفر.
مع بدء الأزمة داخل المصارف اللبنانية في تشرين الثاني الماضي، عانى الطلاب اللبنانيون في الخارج من صعوبة الحصول على الأموال، فمنهم من لم يتمكن من الدفع لجامعته، ومنهم من لم يتمكن من دفع إيجار منزله، فقرر بعضهم العودة الى لبنان رغم خطر خسارة سنة دراسية كاملة.
اليوم في زمن "الكورونا" تأخرت الجامعة اللبنانيّة في إنهاء العام الدراسي وهذا أمر طبيعي جدا، إذ ان التعطيل والتأخر طال معظم جامعات العالم، والجامعات الأجنبية على سبيل المثال ستستقبل طلبات الطلاب الجدد حتى وقت متأخر من هذا الصيف، وفي فرنسا مثلا تم الاتفاق على أن يتقدّم طالب التأشيرة بملفّه في شهر تموز، ولكنه لا يستحصل على التأشيرة الا بعد إنهاء العام الدراسي بنجاح.
ولكن هناك بالنسبة الى بعض الراغبين باستكمال التعليم في فرنسا، مشكلة جديدة قد تكون عائقا أمام طموحهم، وهي طلب السفارة الفرنسية الحصول على نسخة من "الحساب المصرفي"، او ما يُعرف بكشف حساب، لأهل الطالب الراغب بالسفر. فلماذا هذا الطلب يشكّل مشكلة؟.
في الفترة الماضية أصدر مصرف لبنان أكثر من تعميم يشجع المواطنين على سحب أموالهم من المصرف مقابل إغلاق الحسابات، وهكذا حصل، وهذا ما يجعلهم امام مشكلة بحال أراد احد أفراد هذه العائلات تقديم طلب الحصول على تأشيرة من السفارة الفرنسية لاستكمال التعليم. وفي هذا السياق يشير مؤسس جمعية التوجيه العلمي والأكاديمي والمهني للطلاب في فرنسا علي فولادكار الى أن "كشف الحساب" هو من الشروط التي تفرضها السفارة الفرنسية منذ زمن، ولكن اللبناني يواجه مشكلة اليوم متعلقة بأكثر من شقّ، الأوّل عدم وجود حساب، الثاني وجود حساب بأموال مجمّدة لن يتمكنوا من استعمالها.
ويكشف فولادكار عن إتصالات وردت من السفارة الفرنسيّة في بيروت الى بعض الأشخاص الذين تقدّموا بطلباتهم، ورغم امتلاكهم لحسابات مصرفيّة، تسألهم فيها عن ضمانة تمكنهم من تحويل مبلغ 615 يورو شهريا الى فرنسا بحال سفرهم، مشيرا الى أنّ هذه الضمانة غير متاحة من قبل المصارف اللبنانيّة، وما طلبناه من الطلاب اليوم هو إرفاق ورقة بالملف تحتوي على "التفاصيل المتعلّقة بشأن تحويل الأموال الى الطلاب في الخارج".
ويضيف في حديث لـ"النشرة": "هناك حلّ من الحلول التي يمكن اعتمادها، ويقوم على حصول الطالب اللبناني على كفالة من أحد أقربائه الموجودين خارج لبنان، ولكنّه قد لا يكون متاحا أمام الجميع"، داعيا وزارة التربية اللبنانية كممثل رسمي عن الدولة التحرّك، باتجاه السفارة الفرنسية في بيروت للحصول على تسهيلات معيّنة للراغبين بالسفر لاجل العلم.
اذا، لم تعد معدّلات الطالب السنوية في الجامعة معيارا للسفر لاستكمال التعليم، ولم يعد همّ الطالب الوحيد اليوم هو النجاح ليتمكن من السفر، بل عليه التفكير بالحساب المصرفي وامتلاك الدولار والقدرة على تحويله للخارج. فهل من يتحرك للتخفيف عن هؤلاء؟!.