أكد رئيس جمعية المستهلك في لبنان زهير برو، في حديث لـ"النشرة"، أن إرتفاع الأسعار في الأسواق اللبنانية مستمر في ظلّ فوضى شاملة لا يمكن ضبطها لأن علاج الأسباب التي تقف خلف ذلك لم يتمّ حتى الساعة، وأبرزها إرتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة، بالإضافة إلى الإحتكارات التي تسيطر على الأسواق.
ورأى برو أنّ السلّة الغذائية لا تشكّل حلاً على الإطلاق لأنها ستمرّ عبر التجّار والمستوردين، وبالتالي كي تصل إلى المستهلك، في حال وصولها، ستمرّ عبر هؤلاء، ومن هنا لن يصل إلا القسم الضئيل منها إلى المستهلك، قد لا يتجاوز 10%، مقترحاً دفع الأموال مباشرة إلى العائلات الفقيرة والمتوسطة المحتاجة من دون أيّ دعم لأيّ سلعة.
ورأى برّو أنّه لن تُفقد أيّ سلعة من الأسواق اللبنانية، لكنه لفت إلى أن ما سيحصل هو إرتفاع الأسعار بشكل خطير، وبالتالي الفقدان هو فقدان المال، مستبعداً حصول مجاعة في لبنان، لا سيما أنه خلال مرحلة الحرب اللبنانية لم يحصل هذا الامر، لكن القلق هو من عدم قدرة المواطنين على شراء المواد الغذائيّة الأساسية بفعل إرتفاع أسعارها.
واعتبر رئيس جمعية المستهلك في لبنان أن من يدّعي أن النظام الإقتصادي حر هو بالتأكيد مستفيد من نظام الإحتكارات القائم، مشدداً على أن ليس هناك إقتصاد حر في لبنان، خصوصاً أنه وفق دراسات، طلبتها وزارة الإقتصاد والتجارة من العام 2000، فإنّ الإحتكارات هي السائدة في مختلف القطاعات، منها عبر قرارات من الدولة ومنها عبر إتّفاقات غير معلنة بين التجّار.
ورأى برو أن السبب الأساسي في جنون الأسعار يعود إلى طبيعة الإقتصاد اللبناني الريعي، الذي يستورد أكثر من 22 مليار دولار سنوياً ويصدر بحدود 3 مليارات دولار، معتبراً أنه إقتصاد غير منتج بحاجة إلى ضخّ دولارات بشكل دائم، في حين أنّ التجار المستوردين الأساسيين يلعبون دوراً أساسياً في الإحتكار، ويسيطر كل منهم على الأسواق في مجاله، مضيفاً: "مسؤولية الجميع قائمة ومن دون تغيير في هذا النظام لا يمكن أن يكون هناك أيّ ضبط للأسعار".
وأوضح برو أن الإقتصاد المنتج يعني أن تستثمر الدولة في القطاعات المنتجة، لافتاً إلى أن الزراعة من دون دعم أمر مستحيل، والموضوع نفسه ينطبق على الصناعة وعلى شركات التكنولوجيا الحديثة والشركات الصغيرة والمتوسطة، موضحاً أن هذه الشركات تُدعم في جميع دول العالم، ولهذا السبب نجحت في التطور والتقدّم، مقترحاً أن يذهب القسم الأكبر من الدعم الذي يحصل إلى الإستثمار في هذه القطاعات.
على صعيد متصل، اعتبر رئيس جمعية المستهلك في لبنان أن الحلول للخروج من الأزمة الراهنة داخلية بالدرجة الأولى، مؤكداً أن مسؤولية القوى الخارجية، كإسرائيل والولايات المتحدة، طبيعيّة، لكن في المقابل المواجهة كانت تتطلب، من الحريصين على أن يبقى لبنان سيداً وحراً ومستقلاً، منع الفساد بدل الصمت عنه طوال 30 عاماً، الأمر الذي أدى الى النتائج التي كانت الجمعية تحذر منها على مدى سنوات طويلة، وكانت تعتبر أن الفساد سيؤدي إلى ضرب المقاومة.
وشدّد برو على ضرورة محاربة الفساد وتغيير النظامين الإقتصادي والسياسي والذهاب نحو تطبيق الدستور اللبناني، الذي ينص على بناء دولة خارج القيد الطائفي، معتبراً أنه من دون ذلك لا يمكن معالجة آفة الفساد، لأن النظام الطائفي بطبعه مولّد للفساد.
وطالب برو وزارة الإقتصاد والتجارة بمعالجة النتائج وليس الأسباب، وتغيير سياسات الدعم التي لن تصل إلى مكان، لأن الدعم في لبنان، منذ سنوات، يذهب إلى التجار والفاسدين ولا يصل أكثر من 10% منه إلى المواطنين، وبالتالي يجب وقف هذه السياسات فوراً، مشيراً إلى أن وزارة الصحة العامة، على سبيل المثال، تدعم جميع أنواع الدواء، بما فيها تلك التجاريّة، معتبراً أن هذه المسألة خطيرة، لأنه في الحدّ الأدنى أسعار هذه الأدوية ضعف أسعار تلك الجنيريك، التي يجب حصر الدعم بها.
بالنسبة طرح الذهاب نحو الشرق والتعاون مع دول مستعدة لمساعدة لبنان، اعتبر رئيس جمعية المستهلك أن هذه المسألة طبيعية، لوجود دول قادرة على المساعدة والحدّ من عملية الإنهيار وتسريع عملية التنمية، لكنه حذر من أن الاتّجاه شرقا دون معالجة المشاكل الداخلية والقيام بالإصلاحات لن يؤدي إلى أي نتيجة، لأن نفس الجهات التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه اليوم ستضع يدها على الوسائل والأساليب الجديدة، وبالتالي ستصبح الممثلة الشرعيّة للصين وروسيا وإيران، داعياً إلى التنبه حيال هذا الموضوع.